صفحة جزء
5211 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : ثنا زيد بن الحباب ، قال : حدثني عياش بن عقبة ، قال : حدثني الفضل بن حسن بن عمرو عن ابن أم الحكم ، أن أمه حدثته أنها ذهبت هي وأختها حتى دخلتا على فاطمة ، فخرجن جميعا فأتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أقبل من بعض مغازيه ، ومعه رقيق ، فسألته أن يخدمهن .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبقكن يتامى أهل بدر .

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أن ذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سهم لهم من الخمس معلوم ، ولا حظ لهم منه خلاف حظ غيرهم .

قالوا : وإنما جعل الله لهم ما جعل من ذلك بقوله : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وبقوله : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين لحال فقرهم وحاجتهم ، فأدخلهم مع الفقراء والمساكين .

فكما يخرج الفقير واليتيم والمسكين من ذلك ، لخروجهم من المعنى الذي به استحقوا ما استحقوا من ذلك ، فكذلك ذوو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمومون معهم ، إنما كانوا ضموا معهم لفقرهم ، فإذا استغنوا خرجوا من ذلك .

[ ص: 234 ] وقالوا : لو كان لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حظ ، لكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ؛ إذ كانت أقربهم إليه نسبا ، وأمسهم به رحما ، فلم يجعل لها حظا في السبي الذي ذكرنا ، ولم يخدمها منه خادما ، ولكنه وكلها إلى ذكر الله عز وجل ؛ لأن ما تأخذ من ذلك ، وإنما حكمها فيه حكم المساكين ، فيما تأخذ من الصدقة ، فرأى أن تركها ذلك ، والإقبال على ذكر الله عز وجل وتسبيحه وتهليله خير لها من ذلك وأفضل .

وقد قسم أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الخمس ، فلم يريا لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حقا ، خلاف حق سائر المسلمين .

فثبت بذلك أن هذا هو الحكم عندهما ، وثبت - إذ لم ينكره عليهما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يخالفهما فيه - أن ذلك كان رأيهم فيه أيضا .

وإذا ثبت الإجماع في ذلك من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ومن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت القول به ، ووجب العمل به وترك خلافه .

ثم هذا علي رضي الله عنه ، لما صار الأمر إليه ، حمل الناس على ذلك أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية