صفحة جزء
5249 - وخالفهم في ذلك آخرون ، منهم أبو حنيفة ، رحمة الله عليه ، فيما حدثني سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن أبي يوسف ، فقالوا : لا بأس أن يأخذ ذلك الرجل من الغنيمة السلاح ، إذا احتاج إليه ، بغير إذن الإمام ، فيقاتل به ، حتى يفرغ من الحرب ، ثم يرده في المغنم .

قال أبو يوسف : وقد بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما احتج به الأوزاعي ، ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم معان ووجوه وتفسير لا يفهمه ولا يبصره إلا من أعانه الله عليه .

[ ص: 252 ] فهذا الحديث - عندنا - على من يفعل ذلك ، وهو عنه غني ، يبقى بذلك على دابته ، وعلى ثوبه ، أو يأخذ ذلك ، يريد به الخيانة .

فأما رجل مسلم في دار الحرب ليس معه دابة ، وليس مع المسلمين فضل يحملونه إلا دواب الغنيمة ، ولا يستطيع أن يمشي ، فإن هذا لا يحل للمسلمين تركه ، ولا بأس أن يركبها هذا ، شاءوا ، أو كرهوا ، وكذلك هذه الحال في الثياب ، وكذلك هذه الحال في السلاح ، والحال أبين وأوضح .

ألا ترى أن قوما من المسلمين لو تكسرت سيوفهم ، أو ذهبت ، ولهم غنى عن المسلمين ، أنه لا بأس أن يأخذوا سيوفا من الغنيمة ، فيقاتلوا بها ، ما داموا في دار الحرب .

أرأيت ، ولو لم يحتاجوا إليها في معمعة القتال ، واحتاجوا إليها بعد ذلك بيومين أغار عليهم العدو ، أيقومون هكذا في وجوه العدو بغير سلاح ؟ كيف يصنعون ؟ أيستأسرون ؟ هذا الرأي فيه توهين لمكيدة المسلمين .

وكيف يحل هذا في المعمعة ، ويحرم بعد ذلك ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية