صفحة جزء
5280 - حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين قال : كانت العضباء لرجل من بني عقيل أسر ، فأخذت العضباء منه ، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، على م تأخذوني ، وتأخذون سابقة الحاج ، وقد أسلمت ؟

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : آخذك بجريرة حلفائك ، وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة .

فقال : يا محمد ، إني جائع فأطعمني ، وظمآن فاسقني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه حاجتك .

ثم إن الرجل فدي برجل ، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله
.

[ ص: 262 ] قال أبو جعفر : فهذا الحديث مفسر ، قد أخبر فيه عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى بذلك المأسور بعد أن أقر بالإسلام ، وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ ، وأنه ليس للإمام أن يفدي من أسر من المسلمين ، بمن في يديه من أسرى أهل الحرب الذين قد أسلموا ، وأن قول الله تعالى : فلا ترجعوهن إلى الكفار ، قد نسخ أن يرد أحد من أهل الإسلام إلى الكفار .

فلما ثبت بذلك ، وثبت أن لا يرد إلى الكفار من جاءنا منهم بذمة ، وثبت أن الذمة تحرم ما حرمه الإسلام من دماء أهلها وأموالهم ، وأنه يجب علينا منع أهلها من نقضها والرجوع إلى دار الحرب ، كما يمنع المسلمون من نقض إسلامهم والخروج إلى دار الحرب على ذلك ، وكان من أصبناه من أهل الحرب ، فملكناه صار بملكنا إياه ذمة لنا ، ولو أعتقناه لم يعد حربيا بعد ذلك ، وكان لنا أخذه بأداء الجزية إلينا ، كما نأخذ بسائر ذمتنا ، وعلينا حفظه ، مما يحفظهم منه ، وكان حراما علينا أن نفادي بعبيدنا الكفار الذين قد ولدوا في دارنا ، لما قد صار لهم من الذمة .

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هذا الحربي إذا أسرناه ، فصار ذمة لنا ، وقع ملكنا عليه ، أن يحرم علينا المفاداة به ، ورده إلى أيدي المشركين .

وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية