صفحة جزء
5396 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، عن هشيم ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن في قوله : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى . قال : التقرب إلى الله بالعمل الصالح .

فأما من ذهب إلى أن قريشا من ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن من ذوي القربى أيضا من مسه برحم من قبل أمهاته إلى أقصى كل أب ، لكل أم من أمهاته من العشيرة التي هي منها ، فإنه احتج لما ذهب إليه من ذلك بالنظر ، وقال : رأيت الرجل بنسبته من أبيه ومن أمه مختلفا ، ولم يمنعه اختلاف نسبه منهما أن كان ابنا لهما ، ثم رأيناه يكون له قرابة لكل واحد منهما ، فيكون بموضعه من أبيه قرابة لذي قرابة أبيه ، ويكون بموضعه من أمه قرابة لذي قربى أمه .

ألا ترى أنه يرث إخوته لأبيه وإخوته لأمه ، وترثه إخوته لأبيه وإخوته لأمه ، وإن كان ميراث فريق ممن ذكرنا ، مخالفا لميراث الفريق الآخر ، وليس اختلاف ذلك بمانع منه القرابة .

فلما كان ذوو قربى أمه قد صاروا له قرابة ، كما أن ذوي قربى أبيه قد صاروا له قرابة ، كان ما يستحقه ذوو قربى أبيه بقرابتهم منه ، يستحق ذوو قربى أمه بقرابتهم منه مثله .

وقد تكلم أهل العلم في مثل هذا ، في رجل أوصى لذي قرابة فلان بثلث ماله ، فقالوا في ذلك أقوالا سنبينها ، ونبين مذهب صاحب كل قول منها ، الذي أداه إلى قوله الذي قاله منها ، في كتابنا هذا ، إن شاء الله تعالى .

[ ص: 288 ] فكان أبو حنيفة رحمة الله عليه قال : هي كل ذي رحم محرم من فلان الموصي لقرابته ، بما أوصى لهم به من قبل أبيه ، ومن قبل أمه ، غير أنه يبدأ في ذلك بمن كانت قرابته منه من قبل أبيه ، على من كانت قرابته منه من قبل أمه .

وتفسير ذلك أن يكون له عم وخال ، فقرابة عمه منه ، من قبل أبيه ، كقرابة خاله منه من قبل أمه ، فيبدأ في ذلك عمه على خاله ، فيجعل الوصية له .

وكان زفر بن الهذيل يقول : الوصية لكل من قرب منه من قبل أبيه أو من قبل أمه ، دون من كان أبعد منه منهم ، وسواء في ذلك من كان منهم ذا رحم للموصي لقرابته ، ومن لم يكن منهم ذا رحم .

وقال أبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهما : الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أب واحد ، منذ كانت الهجرة من قبل أبيه ، أو من قبل أمه .

وسويا في ذلك بين من بعد منهم وبين من قرب ، وبين من كانت رحمه محرمة منهم ، وبين من كانت رحمه منهم غير محرمة .

ولم يفضلا في ذلك بين من كانت رحمه منهم من قبل الأب على من كانت رحمه منهم من قبل الأم .

وكان آخرون يذهبون في ذلك إلى أن الوصية بما وصفنا لكل من جمعه والموصي لقرابته أبوه الثالث إلى من هو أسفل من ذلك .

وكان يذهبون في ذلك إلى أن الوصية لكل من جمعه وفلانا الموصي لقرابته أبوه الرابع إلى من هو أسفل من ذلك .

وكان آخرون يذهبون في ذلك إلى أن الوصية فيما ذكرنا ، لكل من جمعه وفلانا الموصي لقرابته أب واحد في الإسلام ، أو في الجاهلية ممن يرجع بآبائه أو بأمهاته إليه ، إما عن أب ، وإما عن أم إلى أن يلقاه يثبت به المواريث ويقوم به الشهادات .

فأما ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمة الله عليه ، مما ذكرنا في هذا الفصل ففاسد - عندنا - لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم وبني المطلب ، وأكثرهم غير ذوي أرحام محرمة .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أبا طلحة أن يجعل شيئا من ماله قد جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم لله ولرسوله .

فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل في فقراء قرابته ، فجعله أبو طلحة لأبي بن كعب ، ولحسان بن ثابت .

فأما حسان فيلقاه عند أبيه الثالث ، وأما أبي فيلقاه عند أبيه السابع ، وليسا بذوي أرحام منه محرمة ، وجاءت بذلك الآثار .

التالي السابق


الخدمات العلمية