صفحة جزء
5429 - حدثنا مالك بن يحيى الهمداني ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا الجريري ، عن أبي العلاء ، قال : بينما أنا مع مطرف بأعلى المربد في سوق الإبل إذ أتى علينا أعرابي معه قطعة أديم ، أو قطعة جراب ، شك الجريري .

فقال : هل فيكم من يقرأ ؟ فقلت : أنا أقرأ . قال : ها ، فاقرأه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه لنا .

[ ص: 303 ] فإذا فيه : من محمد النبي لبني زهير بن أقيش - حي من عكل - إنهم شهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وفارقوا المشركين ، وأقروا بالخمس في غنائمهم ، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه ، فإنهم آمنون بأمان الله .

فقال له بعضهم : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا تحدثنا ؟ قال : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يذهب عنه وحر الصدر ، فليصم شهر الصبر ، وثلاثة أيام من كل شهر .

فقال رجل من القوم : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ألا أراكم تروننا ، أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لا حدثتكم اليوم حديثا ، فأخذها ، ثم انطلق
.

قال أبو جعفر : وأجمعوا جميعا أن هذا السهم ليس للخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه ليس فيه كالنبي صلى الله عليه وسلم .

فلما كان الخليفة لا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم فيما كان له مما خصه الله به دون سائر المقاتلين معه ، كانت قرابته أحرى أن لا تخلف قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما كان لهم في حياته من الفيء والغنيمة .

فبطل بهذا قول من قال : إن سهم ذوي القربى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لقرابة الخليفة من بعده .

ثم رجعنا إلى ما قال الناس سوى هذا القول من هذه الأقوال التي ذكرناها في هذا الفصل .

فأما من خص بني هاشم وبني المطلب دون من سواهم من ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل سهم ذوي القربى لهم خاصة ، فقد ذكرنا فساد قوله فيما تقدم ، في كتابنا هذا ، فأغنانا ذلك عن إعادته هاهنا .

وكذلك من جعله لفقراء قرابة النبي صلى الله عليه وسلم دون أغنيائهم ، وجعلهم كغيرهم من سائر فقراء المسلمين .

فقد ذكرنا أيضا فيما تقدم من هذا الكتاب فساد قوله ، فأغنانا عن إعادته هاهنا وبقي قول الذين يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له أن يضعه فيمن رأى وضعه فيه ، من ذوي قرابته ، وأن أحدا منهم لا يستحق منه شيئا حتى يعطيه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد كان له أن يصطفي من المغنم لنفسه ما رأى .

فكان ذلك منقطعا بوفاته غير واجب لأحد من بعد وفاته .

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك ، ما له أن يخص به من رأى من ذوي قرباه ، دون من سواه من ذوي قرباه في حياته ، إلا أن يكون ذلك إلى أحد من بعد وفاته .

ولما بطل أن يكون ذلك إلى أحد بعد وفاته ، بطل أن يكون ذلك السهم لأحد من ذوي قرابته بعد وفاته .

فإن قال قائل : فقد أبى ذلك عليكم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما ، ثم ذكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية