صفحة جزء
[ ص: 307 ] 5436 - قال حماد : وحدثنا عمرو بن دينار ، عن مالك ، وغير واحد ، عن الزهري ، أنه قال : ( لقد كان فيها راشدا تابعا للحق ) ، ثم رجع إلى حديث أيوب .

فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه ، وليتها بعده ، فقويت عليها فأديت فيها الأمانة ، وزعم هذا أني خنت . ولا فجرت ، ولا تيك الكلمة .

وفي حديث عمرو عن الزهري : ( ولقد كنت فيها راشدا تابعا للحق ) .

ثم رجع إلى حديث عكرمة ، ثم أتياني فقالا : ادفع إلينا صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدفعتها إليهما ، فقال هذا لهذا : أعطني نصيبي من ابن أخي ، وقال هذا لهذا ، أعطني نصيبي من امرأتي من أبيها ، وقد علم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يورث ؛ ما ترك صدقة .

وفي حديث عمرو ، عن الزهري : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنا لا نورث ، ما تركنا صدقة .

ثم رجع إلى حديث عكرمة ، ثم تلا عمر رضي الله عنه : إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها الآية .

فهذه لهؤلاء ، ثم تلا : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ، إلى آخر الآية .

ثم قال : وهذه لهؤلاء .

وفي حديث عمرو عن الزهري قال : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب إلى آخر الآية .

فكانت هذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يوجف المسلمون فيه خيلا ولا ركابا ، فكان يأخذ من ذلك قوته وقوت أهله ، ويجعل بقية المال لأهله .

ثم رجع إلى حديث أيوب ، ثم تلا : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى إلى آخر الآية ، ثم : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم حتى بلغ : أولئك هم الصادقون فهؤلاء المهاجرون ، ثم قرأ : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، حتى بلغ حماء : فأولئك هم المفلحون قال : فهؤلاء الأنصار .

قال : ثم قرأ : والذين جاءوا من بعدهم حتى بلغ رءوف رحيم .

فهذه الآية استوعبت المسلمين إلا له حق ، إلا ما يملكون من رقيقكم ، فإن أعش - إن شاء الله - لم يبق أحد من المسلمين إلا سآتيه حقه ، حتى راعي الثلة يأتيه حظه ، أو قال : حقه .

قال : فهذا عمر رضي الله عنه قد تلا في هذا الحديث : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى إلى آخر الآية .

ثم قال : وهذه لهؤلاء .

فدل ذلك أن سهم ذوي القربى قد كان ثابتا عنده لهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كما كان لهم في حياته .

[ ص: 308 ] قيل له : ليس فيما ذكرت ، على ما ذهبت إليه ، وكيف يكون لك فيه دلالة على ما ذهبت إليه ، وقد كتب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إلى نجدة حين كتب ، يسأله عن سهم ذوي القربى ( قد كان عمر بن الخطاب دعانا إلى أن ينكح منه أيمنا ويكسو منه عارينا ، فأبينا عليه إلا أن يسلمه لنا كله ، فأبى ذلك علينا ) .

فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يخبر أن عمر أبى عليهم دفع السهم إليهم ؛ لأنهم لم يكن عنده لهم ، فكيف يتوهم عليه فيما روى عنه مالك بن أوس غير ذلك ؟

ولكن معنى ما روى عنه مالك بن أوس في هذا الحديث من قوله : ( فهذه لهؤلاء ) ، أي : فهي لهم على معنى ما جعلها الله لهم في وقت إنزاله الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، وعلى مثل ما عنى به عز وجل ، ما جعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها من السهم الذي أضافه إليه .

فلم يكن ذلك السهم جاريا له صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته غير منقطع إلى يوم القيامة ، بل كان جاريا له في حياته منقطعا عنه بموته .

وكذلك ما أضافه فيها إلى ذوي قرباه كذلك أيضا واجبا لهم في حياته ، يضعه عليه السلام فيمن شاء منهم ، مرتفعا بوفاته ، كما لم يكن قول عمر فهذه لهؤلاء ، لا يجب به بقاء سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الوقت الذي قال فيه ما قال كان ذلك قوله ، فهي لهؤلاء لا يجب به بقاء سهم ذوي القربى إلى الوقت الذي قال فيه ما قال ، معارضة صحيحة باقية ، أن يكون حديث مالك بن أوس هذا عن عمر مخالفا لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه في سهم ذوي القربى .

التالي السابق


الخدمات العلمية