صفحة جزء
5449 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : ثنا أبو كريب ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني سعد بن طارق ، عن سلمة بن نعيم ، عن أبيه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسول مسيلمة بكتابه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما : وأنتما تقولان مثل ما يقول ؟ فقالا : نعم .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما لولا أن الرسل لا تقتل ، لضربت أعناقكما
.

والدليل على خروج أهل مكة من الصلح بما كان بين بني بكر وبين خزاعة ، وبما كان من معونة قريش لبني بكر في ذلك ، طلب أبي سفيان تجديد الحلف ، وتوكيد الصلح عند سؤال أهل مكة إياه ذلك .

ولو كان الصلح لم ينتقض ، إذا لما كان بهم إلى ذلك حاجة ، ولكان أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما سألهم أبو سفيان ما سألهم من ذلك يقولون : ما حاجتك وحاجة أهل مكة إلى ذلك ؟ إنهم جميعا في صلح وفي أمان ، لا تحتاجون معهما إلى غيرهما .

ثم هذا عمرو بن سالم ، واحد خزاعة ، يناشد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد ذكرنا من مناشدته إياه ، في حديث عكرمة ، والزهري ، وسأله في ذلك النصر ويقول فيما يناشده من ذلك :

إن قريشــــا أخــــلفوك الموعــــدا ونقضـــــوا ميثـــــاقك المؤكــــدا

ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك عليه .

[ ص: 319 ] ثم كشف له عمرو بن سالم المعنى الذي به كان نقض قريش ، ما كانوا عاهدوه عليه ، ووافقوه بأن قال :

وهــــم أتونــــا بـــالوتير هجـــدا     فقتلونــــــا ركعـــــا وســـــجدا

ولم يذكر في ذلك أحدا غير قريش من بني نفاثة ، ولا من غيرهم .

ثم أنشد حسان بن ثابت في الشعر الذي ذكرناه عنه ، في حديث عكرمة المعنى الذي ذكره عمرو بن سالم في الشعر الذي ناشد به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ففي ذلك دليل أن رجال بني كعب أصابهم من نقض قريش الذي به خرجوا من عهدهم ببطن مكة ، ألا تراه يقول :

أتــاني ولــم أشــهد ببطحــاء مكـة     رجـــال بنــي كــعب تحــز رقابهــا

ثم ذكر ما بيناه لمن كان سببا من ذلك قريش ورجالها ، فقال :

فيــا ليــت شـعري هـل لنـا لزمـرة     ســهيل بـن عمـرو حولهـا وعتابهـا

وسهيل بن عمرو ، هو كان أحد من عاقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح .

فأما ما ذكر لك : رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتحها ، لم يقسم مالا ، ولم يستعبد أحدا ، ولم يغنم أرضا ، فكيف يستعبد من قد من عليه في دمه وماله .

فأما أرض مكة ، فإن الناس قد اختلفوا في ترك النبي صلى الله عليه وسلم التعرض لها .

فمن يذهب إلى أنه افتتحها عنوة ، فقال : تركها منة عليهم ، كمنته عليهم في دمائهم ، وفي سائر أموالهم .

وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف ؛ لأنه كان يذهب إلى أن أرض مكة ، تجري عليها الأملاك كما تجري على سائر الأرضين .

وقال بعضهم : لم تكن أرض مكة مما وقعت عليه الغنائم ؛ لأن أرض مكة عندهم لا تجري عليها الأملاك .

وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة ، وسفيان الثوري ، رحمهما الله .

وقد ذكرنا في هذا الباب الآثار التي رواها كل فريق ممن ذهب إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وأبو يوسف رحمهما الله في كتاب البيوع ، من شرح معاني الآثار المختلفة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحكام ، فأغنانا ذلك عن إعادته هاهنا .

ثم رجع الكلام إلى ما يثبت أن مكة فتحت عنوة .

فإن قلتم : إن حديثي الزهري وعكرمة اللذين ذكرنا ، منقطعان .

قيل لكم : وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما حديث يدل على ما رويناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية