صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

16 - كتاب البيوع

1 - باب بيع الشعير بالحنطة متفاضلا

5480 - حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : ثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدثه أن بسر بن سعيد حدثه ، عن معمر بن عبد الله أنه أرسل غلاما له بصاع من قمح ( هو الحنطة ) فقال له : بعه ثم اشتر به شعيرا ، فذهب الغلام فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع ، فلما جاء معمر أخبره ، فقال له معمر : لم فعلت ؟ انطلق فرده ، ولا تأخذ إلا مثلا بمثل ، فإني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الطعام بالطعام ، مثلا بمثل وكان طعامنا يومئذ ، الشعير .

قيل له : فإنه ليس مثله ، قال : إني أخاف أن يضارعه
( أن يشبهه ) .

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه ، وقالوا : لا يجوز بيع الحنطة بالشعير ، إلا مثلا بمثل . وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لا بأس ببيع الحنطة بالشعير متفاضلا ، مثلين بمثل أو أكثر من ذلك .

وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في الحديث الذي احتجوا به عليهم ، أن معمرا أخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسمعه يقول : " الطعام بالطعام ، مثلا بمثل " ثم قال معمر : وكان طعامنا يومئذ الشعير .

فيجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد بقوله الذي حكاه عنه معمر ، الطعام الذي كان طعامهم يومئذ ، فيكون ذلك على الشعير بالشعير ، فلا يكون في هذا الحديث شيء من ذكر بيع الحنطة بالشعير ، مما ذكر فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو مذكور عن معمر ، من رأيه ، ومن تأويله ما كان سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم .

ألا ترى أنه قيل له : فإنه ليس مثله ، أي : ليس من نوعه ، فلم ينكر ذلك على من قاله ، وكان جوابه له ( إني أخشى أن يضارعه ) كأنه خاف أن يكون قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي سمعه يقوله ، وهو ما ذكرنا في حديثه على الأطعمة كلها فتوقى ذلك وتنزه عنه ، للريب الذي وقع في قلبه منه .

فلما انتفى أن يكون في هذا الحديث حجة لأحد الفريقين على صاحبه ، نظرنا هل في غيره ما يدلنا على حكم ذلك كيف هو . ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية