صفحة جزء
5487 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : ثنا محمد بن المنهال ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سلمة بن علقمة ، عن محمد بن سيرين ، عن مسلم بن يسار ، وذكر آخر حدثاه ، أو حدثنا قالا : جمع المنزل بين عبادة بن الصامت ومعاوية ، في كنيسة أو بيعة . فحدث عبادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق ، ولا البر بالبر ، ولا الشعير بالشعير ، ولا التمر بالتمر ، ولا الملح بالملح ، إلا سواء بسواء ، عينا بعين " قال أحدهما ، ولم يقل الآخر .

قال عبادة : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيع الذهب بالفضة ، والبر بالشعير ، والشعير بالبر ، يدا بيد ، كيف شئنا
.

قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إباحة بيع الشعير بالحنطة مثلين بمثل ، فقد ثبت القول بذلك من طريق الآثار ، ثم التمسنا حكم ذلك من الحنطة كم هي ؟

فقال بعضهم : هي نصف صاع لكل مسكين ، وقال بعضهم : هي مد لكل مسكين .

فكان الذين جعلوها من الحنطة نصف صاع ، يجعلونها من الشعير صاعا ، وكان الذي جعلوها من الحنطة مدا ، يجعلونها من الشعير مدين ، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده عنهم في غير هذا الموضع .

فثبت بذلك أنهما نوعان مختلفان ، لأنهما لو كانا من نوع واحد ، إذا لأجزى من أحدهما ما يجزي من الآخر . فإن قال قائل : إنه إنما زيد في الشعير على ما جعل في ذلك من الحنطة ، لغلو الحنطة ، واتساع الشعير . فالجواب له في ذلك ، إنا رأينا ما يعطى من جيد الحنطة ومن رديئها في كفارة الأيمان سواء ، وكذلك الشعير . ألا ترى أن من وجبت عليه كفارة يمين ، فأعطى كل مسكين نصف مد ، يساوي نصف صاع ، أن ذلك لا يجزئه من نصف صاع ، ولا من مد .

فلما كان ما ذكرنا كذلك ، وكان الشعير يؤدى منه كفارات الأيمان مثلي ما يؤدى من الحنطة ، فثبت بذلك أنه نوع خلاف الحنطة .

فثبت بذلك أن لا بأس ببيعه بالحنطة ، مثلين بمثل وأكثر من ذلك ، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد - رحمة الله عليهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية