صفحة جزء
[ ص: 35 ] 5624 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، فذكر بإسناده مثله .

قالوا : قد بين هذا الحديث المعنى الذي ذكرنا .

وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : ما ذهب من ذلك من شيء ، قل أو كثر ، بعد أن يقبضه المشتري ، ذهب من مال المشتري .

وما ذهب في يد البائع ، قبل أن يقبضه المشتري ، بطل ثمنه عن المشتري .

وقالوا : ما هذه الآثار المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ذكرتموها ، فمقبول صحيح على ما جاء .

ولسنا ندفع من ذلك شيئا لصحة مخرجه ، ولكنا نخالف التأويل الذي تأولها عليه أهل المقالة الأولى ، ونقول : إن معنى الجوائح المذكورة فيها ، هي الجوائح التي يصاب الناس بها ، ويجتاحهم في الأرضين الخراجية التي خراجها للمسلمين ، فيوضع ذلك الخراج عنهم - واجب لازم ، لأن في ذلك صلاحا للمسلمين ، وتقوية لهم في عمارة أرضيهم ، فأما في الأشياء المبيعات ، فلا .

فهذا تأويل حديث جابر ، الذي في أول هذا الباب .

وأما حديث جابر الثاني ، فمعناه غير هذا المعنى ، وذلك أنه ذكر فيه البيع ، ولم يذكر فيه القبض .

فذلك - عندنا - على البياعات التي تصاب في أيدي بائعيها ، قبل قبض المشتري لها ، فلا يحل للباعة أخذ أثمانها ، لأنهم يأخذونها بغير حق .

فهذا تأويل هذا الحديث عندهم .

فأما ما قبضه المشترون ، وصار في أيديهم ، فذلك كسائر البياعات التي يقبضها المشترون لها ، فيحدث بها الآفات في أيديهم .

فكما كان غير الثمار ، يذهب من أموال المشترين لها ، لا من أموال باعتها ، فكذلك الثمار .

فهذا هو النظر ، وهو أولى ما حمل عليه هذا الحديث

التالي السابق


الخدمات العلمية