صفحة جزء
5625 - لأنه قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ( ح ) .

5626 - وحدثنا يونس ، قال : أخبرنا عبد الله بن يوسف ( ح ) .

5627 - وحدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا شعيب بن الليث ( ح ) .

5628 - وحدثنا أبو أمية ، قال : ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني قال : ثنا الليث ، قالوا جميعا : عن بكير بن الأشج ، عن عياض بن عبد الله ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أصيب رجل من ثمار ابتاعها ، فكثر دينه ، [ ص: 36 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تصدقوا عليه " فتصدق عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه .

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك
.

فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبطل دين الغرماء ، بذهاب الثمار ، وفيهم باعتها ، ولم يرده على الباعة بالثمن ، إن كانوا قد قبضوا ذلك منه ، ثبت أن الجوائح الحادثة في يد المشتري ، لا تكون مطالبة عنه شيئا من الثمن ، الذي عليه للبائع .

فإن قال قائل : إن الثمار لا تشبه سائر البياعات لأنها معلقة في رءوس النخل ، لا يصل إليها يد من ابتاعها إلا بقطعه إياها ، وسائر الأشياء ليست كذلك .

فما يكون مقبوضا بغير قطع مستأنف ، فهو الذي يذهب من مال المشتري ، وما كان لا يقبض إلا بقطع مستأنف ، فهو الذي يذهب من مال البائع .

قيل له : هذا الكلام فاسد من وجهين : أما أحدهما ، فإنا رأينا هذه الثمار ، إذا بيعت في رءوس النخل ، فذهبت بكمالها ، أو ذهب منها شيء في أيدي باعتها ، ذهب ذلك من أموالهم دون أموال المشترين ، فكان ذهاب قليلها وكثيرها في ذلك سواء ، لأنهم لم يقبضوها ، فإذا قبضوها فذهب منها ما دون الثلث ، فقد أجمع أنه ذاهب من مال المشتري ، لأنه ذهب بعد قبضه إياه .

فلما استوى ذهاب قليله وكثيره في يد البائع ، فكان قليله إذا ذهب في يد المشتري ، ذهب من ماله ، كان ذهاب كثيره كذلك .

وكان المشتري - لتخلية البائع بينه وبين ثمر النخل - قابضا له ، وإن لم يقطعه ، فهذا وجه .

ووجه آخر ، أنا رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن بيع الطعام ، حتى يقبض ، وأجمع المسلمون على ذلك ، وكانت الثمار في ذلك داخلة باتفاقهم ، وأجمعوا أن المشتري لها لو باعها في يد بائعها ، كان بيعه باطلا ، ولو باعها بعد أن خلى البائع بينه وبينها ، ولم يقطعها ، كان بيعه جائزا ، فصار قابضا لها ، بتخلية البائع بينه وبينها ، قبل قطعه إياها .

فثبت بذلك أن قبض المشتري المعلقة في رءوس النخل ، هو بتخلية البائع بينه وبينها ، وإمكانه إياه منها .

فإذا فعل ذلك به ، فقد صارت في يده وضمانه ، وبرئ منها البائع .

فما حدث فيها من جائحة ، أتت عليها كلها ، أو على بعضها ، فهي ذاهبة من مال المشتري ، لا من مال البائع .

وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد - رحمة الله عليهم أجمعين - .

التالي السابق


الخدمات العلمية