صفحة جزء
5799 - وقد رواه آخرون أيضا على غير ذلك : حدثنا يونس قال : ثنا ابن وهب قال : أخبرني قرة بن عبد الرحمن ، وعمرو بن الحارث ، أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهما ، عن حنش أنه قال : كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة ، فصارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب ، وورق ، وجوهر ، فأردت أن أشتريها ، فسألت فضالة ، فقال : انزع ذهبها ، واجعله في الكفة ، واجعل ذهبا في الكفة الأخرى ، ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يأخذن إلا مثلا بمثل .

فهذا خلاف لما تقدمه من الأحاديث ، لأن فيه أمر فضالة بنزع الذهب وبيعه وحده ، ولم يذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم هو نهيه عن بيع الذهب بالذهب ، إلا وزنا بوزن . فهذا ما لا اختلاف فيه ، والأمر بالتفصيل من قول فضالة رضي الله عنه . فقد يجوز أن يكون أمر بذلك ، على أنه لا يجوز عنده البيع فيها في الذهب ، حتى تفصل .

[ ص: 75 ] وقد يجوز أن يكون أمر بذلك لإحاطة علمه أن تلك قلادة ، لا يوصل إلى علم ما فيها من الذهب ، ولا إلى مقداره ، إلا بعد أن يفصل منها . فقد اضطرب هذا الحديث ، فلم يوقف على ما أريد منه . فليس لأحد أن يحتج بمعنى من المعاني ، التي روي عليها ، إلا احتج مخالفه عليه بالمعنى الآخر . وقد قدمنا في هذا الباب كيف وجه النظر في ذلك ، وأنه على ما ذهب إليه الذين جعلوا حكم الذهب المبيع مع غيره بالذهب ، لا على قسم الثمن على القيم ، ولكن على أن الذهب مبيع بوزنه من الذهب الثمن ، وما بقي مبيع بما بقي من الثمن . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية