صفحة جزء
5885 - حدثنا أحمد بن داود قال : ثنا مسدد قال : ثنا يحيى ، عن شعبة ، قال : حدثني منصور ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة ، مثله .

فلما حرم الربا حرمت أشكاله كلها ، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها ، وحرم بيع اللبن في الضروع ، فدخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنا في الضروع ، وتلك النفقة ، فغير موقوف على مقدارها ، واللبن كذلك أيضا .

فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي يجب له عوضا منها ، وباللبن الذي يحتلبه فيشربه ، ويقال لمن صرف ذلك إلى الراهن ، فجعل له استعمال الرهن : أيجوز للراهن أن يرهن رجلا دابة هو راكبها ؟ فلا يجد بدا من أن يقول : لا .

[ ص: 100 ] فيقال له : فإذا كان الرهن لا يجوز إلا أن يكون مخلى بينه وبين المرتهن فيقبضه ، ويصير في يده دون يد الراهن كما وصف الله عز وجل الرهن بقوله : فرهان مقبوضة فيقول : نعم .

فيقال له : فلما لم يجز أن يستقبل الرهن على ما الراهن راكبه لم يجز ثبوته في يده بعد ذلك رهنا بحقه إلا لذلك أيضا ؛ لأن دوام القبض لا بد منه في الرهن ؛ إذ كان الرهن إنما هو احتباس المرتهن للشيء المرهون بالدين ، وفي ذلك أيضا ما يمنع المرتهن من استخدام الأمة الرهن ؛ لأنها ترجع بذلك إلى حال لا يجوز عليها استقبال الرهن .

وحجة أخرى : أنهم قد أجمعوا أن الأمة الرهن ليس للراهن أن يطأها ، وللمرتهن منعه من ذلك .

فكما كان المرتهن يمنع الراهن بحق الرهن من وطئها كان له أيضا أن يمنعه بحق الرهن من استخدامها .

وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمة الله عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية