صفحة جزء
5929 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا أبو داود ، عن سليم بن حيان ، عن سعيد بن ميناء ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كان له فضل ماء أو فضل أرض فليزرعها أو يزرعها ، ولا تبيعوها .

قال سليم : فقلت له : يعني الكراء ؟ فقال : نعم
.

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى هذه الآثار ، وكرهوا بها إجارة أرض بجزء مما يخرج منها ، وهذه الآثار فقد جاءت على معان مختلفة .

فأما ثابت بن الضحاك رضي الله عنه فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المزارعة ، ولم يبين أي مزارعة .

فإن كانت هي المزارعة على جزء معلوم مما تخرج الأرض فهذا الذي يختلف فيه هؤلاء المحتجون بهذه الآثار ، ومخالفوهم .

فإن كانت تلك المزارعة التي نهى عنها هي المزارعة على الثلث والربع وشيء غير ذلك مثل ما يخرج مما يزرع في موضع من الأرض بعينه ، فهذا مما يجتمع الفريقان جميعا على فساد المزارعة عليه .

وليس في حديث ثابت هذا ما ينفي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد معنى من هذين المعنيين بعينه دون المعنى الآخر .

[ ص: 108 ] وأما حديث جابر بن عبد الله ، فإنه قال فيه : كان لرجال منا فضول أرضين فكانوا يؤاجرونها على النصف والثلث والربع .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له أرض فليزرعها ، وليمنحها أخاه ، فإن أبى فليمسك .

ففي هذا الحديث أنه لم يجز لهم إلا أن يزرعوها بأنفسهم أو يمنحوها من أحبوا ، ولم يبح لهم في هذا الحديث غير ذلك .

فقد يحتمل أن يكون ذلك النهي كان على أن لا تؤاجر بثلث ، ولا ربع ، ولا بدراهم ، ولا بدنانير ، ولا بغير ذلك .

فيكون المقصود إليه بذلك النهي هو إجارة الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية