صفحة جزء
589 - فإن عارض في ذلك معارض بما حدثنا فهد قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : أنا زهير ، قال : ثنا جابر ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاء إلا توضأ حين يخرج منه وضوءه للصلاة .

قالوا : فهذا يدل على فساد ما رويتموه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه .

قيل له : ما في هذا دليل على ما ذكرت ، لأنه قد يجوز أن يكون كان يتوضأ إذا خرج من الخلاء ولا يتوضأ إذا بال فيكون ذلك الحين ، حين حدث قد كان يذكر الله فيه . فيكون معنى قولها " كان يذكر الله في كل أحيانه " أي في حين طهارته وحدثه ، حتى لا يتضاد الآثار .

مع أنه قد خالف ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا أريد الصلاة فأتوضأ " .

فدل ذلك على أنه لم يكن يتوضأ إلا وهو يريد الصلاة . فقد يحتمل أن يكون ما حضرت منه عائشة رضي الله عنها من الوضوء عند خروجه ، إنما هو لإرادته الصلاة ، لا للخروج من الخلاء .

ويحتمل أيضا أن يكون ذلك إخبارا منها عما كان يفعل قبل نزول الآية ، وما في حديث خالد بن سلمة إخبارا منها بما كان يفعل بعد نزول الآية ، حتى يتفق ما روي عنها ، وما روي عن غيرها ولا يتضاد من ذلك شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية