صفحة جزء
6099 - وقال آخرون : يحصن أهل الكتاب بعضهم بعضا ، ويحصن المسلم النصرانية ، ولا تحصن النصرانية المسلم ، وقد كان أبو يوسف قال بهذا القول في الإملاء فيما حدثني سليمان بن شعيب عن أبيه .

فاحتمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الثيب بالثيب الرجم أن يكون هذا على كل ثيب ، واحتمل أن يكون على خاص من الثيب .

فنظرنا في ذلك فوجدناهم مجتمعين أن العبيد غير داخلين في ذلك ، وأن العبد لا يكون محصنا ثيبا كان أو بكرا ، ولا يحصن زوجته حرة كانت أو أمة .

[ ص: 144 ] وكذلك الأمة لا تكون محصنة بزوجها حرا كان أو عبدا .

فثبت بما ذكرنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : الثيب بالثيب الرجم إنما وقع على خاص من الثيب لا على كل الثيب .

فلم يدخل فيما أجمعوا أنه وقع على خاص إلا ما قد أجمعوا أنه فيه داخل .

وقد أجمعوا أن الحرين المسلمين البالغين الزوجين اللذين قد كان منهما الجماع ، محصنين ، واختلفوا فيمن سواهم .

فقد أحاط علمنا أن ذلك قد دخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الثيب بالثيب الرجم .

فأدخلنا فيه ، ولم يحط علمنا بما سوى ذلك فأخرجناه منه .

وقد كان يجيء في القياس - لما كانت الأمة لا تحصن الحر ، ولا يحصنها الحر ، وكانت هي في عدم إحصانها إياه كهو في عدم إحصانه إياها - أن يكون كذلك النصرانية ، فكما هي لا تحصن زوجها المسلم كان هو أيضا كذلك لا يحصنها .

وقد رأينا الأمة أيضا - لما بطل أن تحصن المسلم - بطل أن يحصن الكافر قياسا ، ونظرا على ما ذكرنا ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية