صفحة جزء
6109 - حدثنا بحر ، قال : ثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني عمرو بن محمد ومالك بن أنس ويحيى بن أيوب عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى القضاء باليمين مع الشاهد الواحد في خاص من الأشياء في الأموال خاصة ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار .

وخالفهم في ذلك آخرون ؛ فقالوا : لا يجب أن يقضى في شيء من الأشياء إلا برجلين أو رجل وامرأتين ، ولا يقضى بشاهد ويمين في شيء من الأشياء ، قالوا : أما ما رويتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكر فيه أنه قضى باليمين مع الشاهد ؛ فقد دخله الضعف الذي لا يقوم به معه حجة .

وأما حديث ربيعة عن سهيل فقد سأل الدراوردي سهيلا عنه فلم يعرفه ، ولو كان ذلك من السنن المشهورة والأمور المعروفة إذا لما ذهب علمه ، وأنتم قد تضعفون من الأحاديث ما هو أقوى من هذا الحديث بأقل من هذا .

وأما حديث عثمان بن الحكم عن زهير بن محمد عن سهيل عن أبيه عن زيد بن ثابت فمنكر أيضا ؛ لأن أبا صالح لا تعرف له رواية عن زيد .

ولو كان عند سهيل من ذلك شيء ما أنكر على الدراوردي ما ذكرتم عن ربيعة ، ويقول له : لم يحدثني به أبي عن أبي هريرة ، ولكن حدثني به عن زيد بن ثابت ، مع أن عثمان بن الحكم ليس بالذي يثبت مثل هذا بروايته .

وأما حديث ابن عباس فمنكر ؛ لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء ، فكيف يحتجون به في مثل هذا ؟

وأما حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر فإن عبد الوهاب رواه كما ذكرتم .

وأما الحفاظ مالك ، وسفيان الثوري ، وأمثالهما ، فرووه عن جعفر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكروا فيه جابرا ، وأنتم لا تحتجون بعبد الوهاب فيما يخالف فيه الثوري ، ومالكا .

ثم لو لم ينازع في طريق هذا الحديث ، وسلمت على هذه الألفاظ التي قد رويت عليها لكانت محتملة للتأويل الذي لا يقوم لكم بمثلها معه الحجة .

وذلكم أنكم إنما رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد .

ولم يبين في الحديث كيف كان ذلك السبب ، ولا المستحلف مع من هو ؟ فقد يجوز أن يكون ذلك على ما ذكرتم ، ويجوز أن يكون أريد به يمين المدعى عليه .

[ ص: 146 ] وإذا ادعى المدعي ، ولم يقم على دعواه إلا شاهدا واحدا فاستحلف له النبي صلى الله عليه وسلم المدعى عليه ، فروى ذلك ليعلم الناس أن المدعي يجب له اليمين على المدعى عليه لا بحجة أخرى غير الدعوى - لا يجب له اليمين إلا بها .

كما قال قوم : إن المدعي لا يجب له اليمين فيما ادعى إلا أن يقيم البينة أنه قد كانت بينه وبين المدعى عليه خلطة ولبس ، فإن أقام على ذلك بينة استحلف له ، وإلا لم يستحلف .

فأراد الذي روى هذا الحديث أن ينفي هذا القول ، ويثبت اليمين بالدعوى ، وإن لم يكن مع الدعوى غيرها فهذا وجه .

وقد يجوز أن يكون أريد به يمين المدعي مع شاهده الواحد ؛ لأن شاهده الواحد كان ممن يحكم بشهادته وحده ، وهو خزيمة بن ثابت ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان عدل شهادته بشهادة رجلين .

التالي السابق


الخدمات العلمية