صفحة جزء
6169 - حدثنا بحر بن نصر ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن يحيى بن حاطب ، عن أبيه قال : أتى رجلان إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يختصمان في غلام من ولادة الجاهلية ، يقول هذا : هو ابني ، ويقول هذا : هو ابني .

فدعا لهما عمر رضي الله عنه قائفا من بني المصطلق ، فسأله عن الغلام ، فنظر إليه المصطلقي ، ثم قال لعمر : والذي أكرمك ، إنهما قد اشتركا فيه جميعا .

فقام إليه عمر فضربه بالدرة حتى ضجع ، ثم قال : والله ، لقد ذهب بك النظر إلى غير مذهب .

ثم دعا أم الغلام فسألها ، فقالت : إن هذا لأحد الرجلين ، قد كان غلب علي الناس حتى ولدت له أولادا ، ثم وقع بي على نحو ما كان يفعل ، فحملت ، فيما أرى ، فأصابني هراقة من دم ، حتى وقع في نفسي أن لا شيء في بطني ، ثم إن هذا الآخر وقع بي ، فوالله ما أدري من أيهما هو ؟

فقال عمر للغلام : اتبع أيهما شئت ؛ فاتبع أحدهما .

قال عبد الرحمن بن حاطب : فكأني أنظر إليه متبعا لأحدهما ، فذهب به .

وقال عمر : قاتل الله أخا بني المصطلق
.

قالوا : ففي هذا الحديث أن عمر حكم بالقافة ، فقد وافق ما تأولنا في حديث مجزز المدلجي .

فكان من الحجة عليهم للآخرين أن في هذا الحديث ما يدل على بطلان ما قالوا ، وذلك أن فيه أن القائف قال : هو منهما جميعا .

فلم يجعله عمر كذلك ، وقال له : وال أيهما شئت ، على ما يجب في صبي ادعاه رجلان ، فإن أقر أحدهما كان أباه ، فلما رد عمر ذلك إلى حكم الصبي المدعي إذا ادعاه رجلان ، ولم يكن بحضرة الإمام قائف ، لا إلى قول القائف ، دل ذلك على أن القافة لا يجب بقولهم ثبوت نسب من أحد .

وقد روي عن عمر أيضا من وجوه صحاح ، أنه جعله بين الرجلين جميعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية