صفحة جزء
6564 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سعيد بن منصور ، قال : ثنا هشيم ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أحفوا الشوارب ، وأعفوا اللحى .

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر بإحفاء الشوارب ، فثبت بذلك الإحفاء على ما ذكرنا ، في حديث ابن عمر .

وفي حديث ابن عباس وأبي هريرة : جزوا الشوارب ، فذاك يحتمل أن يكون جزا ، معه الإحفاء ، ويحتمل أن يكون على ما دون ذلك .

فقد ثبت معارضة حديث ابن عمر ، بحديث أبي هريرة ، وعمار ، وعائشة ، الذي ذكرنا في أول هذا الباب .

وأما حديث المغيرة ، فليس فيه دليل على شيء ، لأنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، ولم يكن بحضرته مقراض ، يقدر على إحفاء الشارب .

ويحتمل أيضا حديث عمار وعائشة ، وأبي هريرة ، في ذلك معنى آخر ، يحتمل أن تكون الفطرة ، هي التي لا بد منها ، وهي قص الشارب ، وما سوى ذلك فضل حسن .

فثبتت الآثار كلها التي رويناها في هذا الباب ، ولا تضاد ، ويجب بثبوتها أن الإحفاء أفضل من القص .

[ ص: 231 ] وهذا معنى هذا الباب ، من طريق الآثار .

وأما من طريق النظر ، فإنا رأينا الحلق قد أمر به في الإحرام ، ورخص في التقصير .

فكان الحلق أفضل من التقصير ، وكان التقصير ، من شاء فعله ، ومن شاء زاد عليه ، إلا أنه يكون بزيادته عليه أعظم أجرا ممن قص .

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم الشارب قصه حسن ، وإحفاؤه أحسن وأفضل .

وهذا مذهب أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية