صفحة جزء
6599 - حدثنا يونس قال : ثنا ابن وهب أنه سمع مالكا يقول ذلك .

ثم رجعنا إلى حديث أبي قتادة ، ففيه : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة .

فقد يكون رآه حيث رآه ابن عمر ، فيكون معنى حديثه ، وحديث ابن عمر سواء .

[ ص: 236 ] أو يكون رآه في صحراء ، فيخالف حديث ابن عمر ، وينسخ الأحاديث الأول ، فهو عندنا غير ناسخ لها ، حتى يعلم يقينا أنه قد نسخها .

وأما حديث جابر ، ففيه النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة واستدبارها ، لغائط أو بول ، ولم يبين مكانا .

فيحتمل أن يكون ذلك أيضا على ما فسرنا وبينا من حديث أبي أيوب ، فلا حجة فيه أيضا توجب مضادة حديث ابن عمر ، وأبي قتادة .

قال جابر في حديثه : ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة .

فقد يحتمل أن يكون ذلك البول كان في المكان الذي لم يكن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول وقع عليه ، فلم نعلم شيئا من هذه الآثار نسخ شيئا منها شيء .

ثم عدنا إلى حديث عراك ففيه أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولوا مقعدتي مستقبل القبلة .

فقد يجوز أن يكون أنكر قولهم ، لأنهم كرهوا ذلك في جميع الأماكن ، فأمر بتحويل مقعدته نحو القبلة ، ليرد عليهم ، وليعلم أنه لم يقع نهيه على ذلك ، وإنما وقع النهي على استقبالها في مكان دون مكان .

ويحتمل أن يكون أراد بذلك نسخ النهي الأول في الأماكن كلها ، لأن النهي كان قد وقع في الآثار الأول عن ذلك ، فليس فيه دليل أيضا على نسخ ولا غيره .

فلما كان حكم هذه الآثار كذلك ، كان أولى بنا أن نصححها كلها .

فنجعل ما فيه النهي منها على الصحارى ، وما فيه الإباحة على البيوت ، حتى لا تضاد منها شيء .



التالي السابق


الخدمات العلمية