صفحة جزء
6872 - وقد روي في ذلك معنى آخر ، وهو ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج قال : ثنا حماد ، عن ليث ، عن مجاهد قال : كان يكره الشرب من ثلمة القدح ، وعروة الكوز ، وقال : هما مقعدا الشيطان .

فلم يكن هذا النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التحريم ، بل كان على طريق الإشفاق منه على أمته والرأفة بهم ، والنظر لهم .

وقد قال قوم : إنما نهى عن ذلك ؛ لأنه الموضع الذي يقصده الهوام ، فنهى عن ذلك خوف أذاها .

فكذلك ما ذكرنا عنه في صدر هذا الباب ، من نهيه عن الشرب قائما ، ليس على التحريم الذي يكون فاعله عاصيا ، ولكن للمعنى الذي ذكرناه في ذلك .

وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم ، من هذا الباب ، أنه أتى بيت أم سليم ، فشرب من قربة وهو قائم من فيها .

فدل ذلك على أن نهيه الذي روي عنه في ذلك ليس على النهي الذي يجب على منتهكه أن يكون عاصيا .

ولكنه على النهي من أجل الخوف ، فإذا ذهب الخوف ، ارتفع النهي ، فهذا عندنا معنى هذه الآثار ، والله أعلم .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ، أنه نهى عن اختناث الأسقية ، وهو : أن يكسر ، فيشرب من أفواهها .

التالي السابق


الخدمات العلمية