صفحة جزء
677 - وقد حدثنا محمد بن الحجاج ، قال : ثنا علي بن معبد ، قال : ثنا أبو يوسف ، عن الربيع بن بدر ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن أسلع التميمي قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال لي : يا أسلع ، قم فأرحل لنا . قلت : يا رسول الله أصابتني بعدك جنابة ، فسكت عني ، حتى أتاه جبرائيل بآية التيمم فقال لي : يا أسلع قم فتيمم صعيدا طيبا ضربتين ، ضربة لوجهك وضربة لذراعيك ، ظاهرهما وباطنهما . فلما انتهينا إلى الماء ، قال : يا أسلع ، قم فاغتسل . فلما اختلفوا في التيمم كيف هو ، واختلفت هذه الروايات فيه ، رجعنا إلى النظر في ذلك لنستخرج به من هذه الأقاويل قولا صحيحا .

فاعتبرنا ذلك ، فوجدنا الوضوء على الأعضاء التي ذكرها الله تعالى في كتابه ، وكان التيمم قد أسقط عن بعضها ، فأسقط عن الرأس والرجلين ، فكان التيمم هو على بعض ما عليه الوضوء .

فبطل بذلك قول من قال : إنه إلى المناكب ، لأنه لما بطل عن الرأس والرجلين - وهما مما يوضأ كان أحرى أن لا يجب على ما لا يوضأ .

[ ص: 114 ] ثم اختلف في الذراعين ، هل ييممان أم لا ؟

فرأينا الوجه ييمم بالصعيد ، كما يغسل بالماء ، ورأينا الرأس والرجلين لا ييمم منهما شيء .

فكان ما سقط التيمم عن بعضه سقط عن كله ، وكان ما وجب فيه التيمم كان كالوضوء سواء ؛ لأنه جعل بدلا منه . فلما ثبت أن بعض ما يغسل من اليدين في حال وجود الماء ييمم في حال عدم الماء ، ثبت بذلك أن التيمم في اليدين إلى المرفقين قياسا ونظرا على ما بينا من ذلك .

وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى .

وقد روي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وجابر رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية