صفحة جزء
6975 - ما حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : ثنا إسرائيل ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ، فانطلقت معه إلى ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه .

فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعه في حجره ، حتى خرجت نفسه ، فوضعه ، ثم بكى .

فقلت : يا رسول الله ، أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟ .

فقال : إني لم أنه عن البكاء ، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين ، صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة ، لطم وجوه ، وشق جيوب ، وهذا رحمة ، من لا يرحم لا يرحم ، يا إبراهيم لولا إنه وعد صادق ، وقول حق ، وإن آخرنا سيلحق أولنا ، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا ، وإنا بك لمحزونون ، تبكي العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب " .


[ ص: 294 ]

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالبكاء الذي نهى عنه في الأحاديث الأول ، وأنه البكاء الذي معه الصوت الشديد ، ولطم الوجوه ، وشق الجيوب .

وبين أن ما سوى ذلك من البكاء ، فما فعل من جهة الرحمة ، أنه بخلاف ذلك البكاء الذي نهي عنه .

وأما ما ذكرناه عن عمرو ، ابن عمر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فقد ذكرنا عن عائشة رضي الله عنها إنكار ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل ليزيد الكافر عذابا في قبره ، ببعض بكاء أهله عليه " .

وقد يجوز أن يكون ذلك البكاء الذي يعذب به الكافر في قبره ، يزداد به عذابا على عذابه ، بكاء قد كان أوصى به في حياته .

فإن أهل الجاهلية ، قد كانوا يوصون بذلك أهليهم أن يفعلوه بعد وفاتهم .

فيكون الله عز وجل يعذبه في قبره بسبب ، قد كان سببه في حياته ، فعل بعد موته .

التالي السابق


الخدمات العلمية