صفحة جزء
7323 - حدثنا ربيع بن سليمان الجيزي ، قال : ثنا حسان بن غالب ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري ، عن سهيل ابن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا ابتاع ما لم يره لم يجز ابتياعه إياه ، وذهبوا في ذلك إلى تأويل تأولوه في هذا الحديث .

فقال : الملامسة ما لمسه مشتريه بيده من غير أن ينظر إليه بعينه .

قالوا : والمنابذة هي من هذا المعنى أيضا ، وهو قول الرجل للرجل : انبذ إلي ثوبك ، وأنبذ إليك ثوبي ، على أن كل واحد منهما مبيع لصاحبه من غير نظر من كل واحد من المشتريين إلى ثوب صاحبه .

وممن ذهب إلى هذا التأويل مالك بن أنس رحمه الله .

وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : من اشترى شيئا غائبا عنه ، فالبيع جائز ، وله فيه خيار الرؤية ، إن شاء أخذه ، وإن شاء تركه ، وذهبوا في تأويل الحديث الأول إلى أن الملامسة المنهي عنها فيه هي : بيع كان أهل [ ص: 361 ] الجاهلية يتبايعونه فيما بينهم ، فكان الرجلان يتراوضان على الثوب ، فإذا لمسه المساوم به ، كان بذلك مبتاعا له ، ووجب على صاحبه تسليمه إليه .

وكذلك النابذة ، كانوا أيضا يتقاولون في الثوب ، وفيما أشبهه ، ثم يرميه ربه إلى الذي قاوله عليه .

فيكون ذلك بيعا منه إياه ثوبه ، ولا يكون له بعد ذلك نقضه .

فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وجعل الحكم في البياعات أن لا يجب إلا بالمعاقدات المتراضى عليها ، فقال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " .

فجعل إلقاء أحدهما إلى صاحبه الثوب قبل أن يفارقه غير قاطع لخياره .

ثم اختلف الناس بعد ذلك في كيفية تلك الفرقة ، على ما قد ذكرنا من ذلك في موضعه من كتابنا هذا .

وممن ذهب إلى هذا التأويل ، أبو حنيفة رضي الله عنه .

ولما اختلفوا في ذلك أردنا أن ننظر فيما سوى هذا الحديث من الأحاديث ، هل فيه ما يدل على أحد القولين اللذين ذكرنا .

فنظرنا في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية