صفحة جزء
7325 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ربيعة ، قال : كان هذا من أبواب القمار ، فنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 362 ] فهذا الزهري وهو أحد من روي عنه هذا الحديث قد أجاز للرجل أن يشتري ما قد أخبر عنه ، وإن لم يكن عاينه .

ففي ذلك دليل على جواز ابتياع الغائب .

فقال قائل ، ممن ذهب إلى التأويل الذي قدمنا ذكره في أول هذا الباب : من أين أجزتم بيع الغائب وهو مجهول ؟

قيل له : ما هو بمجهول في نفسه ؛ لأنه متى رجع إليه ، رجع إلى معلوم ، فهو كبيع الحنطة في سنبلها ، المرجوع منها إلى حنطة معلومة .

وإنما الجهل في هذا هو جهل البائع والمشتري ، فأما المبيع في نفسه فغير مجهول .

وإنما المجهول الذي لا يجوز بيعه ، هو المجهول في نفسه الذي لا يرجع منه إلى معلوم ، كبعض طعام غير مسمى ، باعه رجل من رجل .

فذلك البعض غير معلوم ، وغير مرجوع منه إلى معلوم ، فالعقد على ذلك غير جائز .

وقد وجدنا البيع يجوز عقده على طعام بعينه على أنه كذا وكذا قفيزا ، والبائع والمشتري لا يعلمان حقيقة كيله .

فيكون من حقوق البيع وجوب الكيل للمشتري على البائع ، ولا يكون جهلهما به ، ويوجب وقوع البيع على كيل مجهول ، إذا كانا يرجعان من ذلك إلى كيل معلوم .

فذلك الطعام الغائب إذا بيع ، والمشتري والبائع به جاهلان ، لا يكون جهلهما به يوجب وقوع العقد على شيء مجهول ، إذا كانا يرجعان منه إلى طعام معلوم .

فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

وقد روينا فيما تقدم من كتابنا هذا أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالا بالكوفة .

فقال عثمان : لي الخيار ؛ لأني بعت ما لم أر .

وقال طلحة : لي الخيار ، لأني ابتعت ما لم أر .

فحكما رضي الله عنهما بينهما جبير بن مطعم ، فقضى الخيار لطلحة ، ولا خيار لعثمان رضي الله عنه .

فاتفق هؤلاء الثلاثة بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جواز بيع شيء غائب عن بائعه وعن مشتريه .

التالي السابق


الخدمات العلمية