صفحة جزء
7373 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو عمر الضرير ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، ثم ذكر مثله .

قال أبو جعفر : فلما اختلفوا في ذلك وجب النظر ؛ لنستخرج من هذه الثلاثة الأقوال قولا صحيحا .

فنظرنا في ذلك ، فرأيناهم جميعا ، قد جعلوا العشرين والمائة نهاية لما وجب فيما زاد على التسعين .

وقد رأيت ما جعل نهاية فيما قبل ذلك ، إذا زادت الإبل عليه شيئا وجب بزيادتها فرض غير الفرض الأول .

[ ص: 376 ] من ذلك : أنا وجدناهم جعلوا في خمس من الإبل شاة ، ثم بينوا لنا أن الحكم كذلك ، فيما زاد على الخمس إلى تسع .

فإذا زادت واحدة أوجبوا بها حكما مستقبلا فجعلوا فيها شاتين .

ثم بينوا لنا أن الحكم كذلك ، فيما زاد إلى أربع عشرة ، فإذا زادت واحدة أوجبوا بها حكما مستقبلا فجعلوا فيها ثلاث شياه .

ثم بينوا لنا أن الحكم كذلك ، فيما زاد إلى العشرين ، فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه .

ثم أجروا الفرض كذلك ، فيما زاد إلى عشرين ومائة ، كلما أوجبوا شيئا بينوا أنه الواجب فيما أوجبوه فيه ، إلى نهاية معلومة .

فكل ما زاد على تلك النهاية شيء انتقض به الفرض الأول إلى غيره ، أو إلى زيادة عليه .

فلما كان ذلك كذلك ، وكانت العشرون والمائة ، قد جعلوها نهاية لما أوجبوه في الزيادة على التسعين ، ثبت أن ما زاد على العشرين ، يجب به شيء ، إما زيادة على الفرض الأول ، وإما غير ذلك .

فثبت بما ذكرنا ، فساد قول أهل المقالة الأولى ، وثبت تغير الحكم بزيادة على العشرين والمائة .

ثم نظرنا بين أهل المقالة الثانية والمقالة الثالثة ، فوجدنا الذين يذهبون إلى المقالة الثانية يوجبون بزيادة البعير الواحد على العشرين والمائة ، رد حكم جميع الإبل إلى ما يجب فيه بنات اللبون في قولهم ، وهو ما ذكرنا عنهم أن في كل أربعين بنت لبون .

فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الثالثة : أنا رأينا جميع ما يزيد على النهايات المسماة في فرائض الإبل ، فيما دون العشرين والمائة ، يتغير بتلك الزيادة الحكم ، وأن لتلك الزيادة حصة فيما وجب بها .

من ذلك أن في أربع وعشرين ، أربعا من الغنم ، فإذا زادت واحدة كان فيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين .

فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون ، فكانت بنت المخاض واجبة في الخمس والعشرين ، لا في بعضها .

وكذلك بنت اللبون واجبة في الستة والثلاثين كلها ، لا في بعضها ، وكذلك سائر الفروض في الإبل ، حتى تتناهى إلى عشرين ومائة ، لا ينتقل الفرض بزيادة لا شيء فيها ، بل ينتقل بزيادة فيها شيء .

ألا ترى أن في عشر من الإبل شاتين ، فإذا زادت بعيرا فلا شيء فيه ، ولا تتغير زيادته حكم العشرة التي كانت قبله .

فإذا كانت الإبل خمس عشرة كان فيها ثلاث شياه ، فكانت الفريضة واجبة في البعير الذي كمل به ما يجب فيه ثلاث شياه وفيما قبله .

[ ص: 377 ] فلما كان ما ذكرنا كذلك ، وكانت الإبل إذا زادت بعيرا واحدا على عشرين ومائة بعير ، فكل قد أجمع أنه لا شيء في هذا البعير ؛ لأن الذين أوجبوا استئناف الفريضة ، لم يوجبوا فيه شيئا ، ولم يغيروا به حكما .

والذين لم يوجبوا استئناف الفريضة من أهل المقالة الثانية ، جعلوا في كل أربعين من العشرين والمائة بنت لبون ، ولم يجعلوا في البعير الزائد على ذلك شيئا .

فلما ثبت أن الفرض فيما قبل العشرين والمائة ، لا ينتقل إلا بما يجب فيه جزء من الفرض الواجب به ، وكان البعير الزائد على العشرين والمائة ، لا يجب فيه شيء من فرض وجب به ، ثبت أنه غير مغير فرض غيره ، عما كان عليه قبل حدوثه .

فثبت بما ذكرنا ، قول من ذهب إلى المقالة الثالثة ، وممن ذهب إليها أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم .

وقد روي ذلك أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية