صفحة جزء
7387 - ما قد حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي ، قال : ثنا جعفر بن عون - أو يعلى بن عبيد ، أنا أشك - عن الأجلح بن عبد الله ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن الخليل الحضرمي ، عن زيد بن أرقم ، قال : بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل من اليمن ، وعلي يومئذ بها .

فقال : يا رسول الله ، أتى عليا ثلاثة نفر يختصمون في ولد ، قد وقعوا على امرأة في طهر واحد ، فأقرع بينهم ، فقرع أحدهم ، فدفع إليه الولد .

فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه - أو قال : أضراسه
.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على علي رضي الله عنه ما حكم به في القرعة ، في دعوى النفر الولد .

فدل ذلك أن الحكم حينئذ كان كذلك ، ثم نسخ بعد باتفاقنا ، واتفاق هذا المخالف لنا .

ودل على نسخه ما قد رويناه في باب القافة ، من حكم علي في مثل هذا بأن جعل الولد بين المدعيين جميعا يرثهما ويرثانه ، فدل ذلك أن الحكم كان يومئذ حكم علي بما حكم في كل شيء مثل النسب الذي يدعيه النفر ، والمال الذي يوصي به النفر ، بعد أن يكون قد أوصى به لكل واحد على حدة ، أو العتاق الذي يعتقه العبيد في مرض معتقهم ، أن يقرع بينهم ، فأيهم قرع استحق ما ادعى ، وما كان وجب بالوصية والعتاق ، ثم نسخ ذلك بنسخ الربا ، إذ ردت الأشياء إلى المقادير المعلومة التي فيها التعديل ، الذي لا زيادة فيه ، ولا نقصان .

وبعد هذا ، فليس يخلو ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من العتاق في المرض ، من القرعة ، وجعله إياه من الثلث ، من أحد وجهين .

إما أن يكون حكما دليلا على سائر أفعال المريض في مرضه ، من عتاقه ، وهباته وصدقاته .

أو يكون ذلك حكما في عتاق المريض ، خاصة ، دون سائر أفعاله ، وهباته ، وصدقاته .

فإن كان خاصا في العتاق ، دون ما سواه ، فينبغي أن لا يكون ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، من العتاق في الثلث ، دليلا على الهبات والصدقات أنها كذلك .

فثبت قول الذي يقول : إنها من جميع المال ، إذ كان النظر شهد له ، وإن كان هذا لا يدرك فيه خلاف ما قال إلا بالتقليد ، ولا شيء في هذا الباب نقله غير هذا الحديث .

[ ص: 383 ] وإن كان قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العتاق في الثلث دليلا لنا على أن هبات المريض وصدقاته كذلك .

فكذلك هو دليل لنا على أن القرعة قد كانت في ذلك كله جارية يحكم بها .

ففي ارتفاعها عندنا ، وعند هذا المخالف لنا ، من الهبات والصدقات ، دليل أن ارتفاعها أيضا من العتاق .

فبطل بذلك قول من ذهب إلى القرعة ، وثبت أحد القولين الآخرين .

فقال من ذهب إلى تثبيت القرعة : وكيف تكون القرعة منسوخة ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بها ، فيما قد أجمع المسلمون على العمل بها فيه من بعده ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية