صفحة جزء
7407 - حدثنا علي بن زيد قال : ثنا عبدة بن سليمان ، قال : أنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن ابن طاوس قال : أخبرني أبي ، عن ابن عباس ، أنه قال : قال الله عز وجل : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك .

قال ابن عباس : فقلتم أنتم : لها النصف ، وإن كان له ولد .

[ ص: 391 ] وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : بل للابنة النصف ، وما بقي بين الأخ والأخت ؛ للذكر مثل حظ الأنثيين .

وإن لم يكن مع الابنة غير الأخت ، كان للابنة النصف ، وللأخت ما بقي .

وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث ابن عباس الذي ذكروا ، على ما ذكرنا في أول هذا الباب ، ليس معناه ، عندنا ، على ما حملوه عليه .

ولكن معناه عندنا - والله أعلم - ما أبقت الفرائض بعد السهام ، فلأولى رجل ذكر كعمة وعم ، فالباقي للعم ، دون العمة ؛ لأنهما في درجة واحدة ، متساويان في النسب ، وفضل العم على العمة في ذلك ، بأن كان ذكرا .

فهذا معنى قوله : ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر ، وليس الأخت مع أخيها بداخلين في ذلك .

والدليل على ما ذكرنا ، من ذلك ، أنهم أجمعوا في بنت وبنت ابن ، وابن ابن ، أن للابنة النصف ، وما بقي فبين ابن الابن ، وابنة الابن ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولم يجعلوا ما بقي بعد نصيب الابنة لابن الابن خاصة ، دون ابنة الابن .

ولم يكن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر على ذلك ، إنما هو على غيره .

فلما ثبت أن هذا خارج منه باتفاقهم ، وثبت أن العم والعمة داخلان في ذلك باتفاقهم ، إذ جعلوا ما بقي بعد نصيب الابنة للعم دون العمة .

ثم اختلفوا في الأخت مع الأخ ، فقال قوم : هما كالعمة مع العم ، وقال آخرون : هما كابن الابن وابنة الابن .

فنظرنا في ذلك ؛ لنعطف ما اختلفوا فيه منه ، على ما أجمعوا عليه .

فرأينا الأصل المتفق عليه ، أن ابن الابن وابنة الابن ، لو لم يكن غيرهما ، كان المال بينهما ؛ للذكر مثل حظ الأنثيين .

فإذا كان معهما ابنة ، كان لها النصف ، وكان ما بقي بعد ذلك النصف بين ابن الابن ، وابنة الابن ، على مثل ما يكون لهما من جميع المال ، لو لم يكن معهما ابنة .

وكان العم والعمة ، لو لم يكن معهما ابنة ، كان المال باتفاقهم ، للعم دون العمة .

فإذا كانت هناك ابنة كان لها النصف ، وما بقي بعد ذلك فهو للعم دون العمة .

فكان ما بقي بعد نصيب الابنة للذي كان يكون له جميع المال ، لو لم يكن ابنة .

[ ص: 392 ] فلما كان ذلك كذلك ، وكان الأخ والأخت لو لم يكن معهما ابنة ، كان المال بينهما ؛ للذكر مثل حظ الأنثيين .

فالنظر على ذلك أن يكونا كذلك ، إذا كانت معهما ابنة ، فوجب لها نصف المال ؛ لحق فرض الله عز وجل لها ، وأن يكون ما بقي بعد ذلك النصف ، بين الأخ والأخت ، كما كان يكون لهما جميع المال ، لو لم يكن ابنة ، قياسا ونظرا ، على ما ذكرنا من ذلك .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية