صفحة جزء
7437 - وذكروا في ذلك ما حدثنا علي بن زيد ، قال : ثنا عبدة بن سليمان ، قال : ثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا ابن عون ، عن عيسى بن الحارث قال : كان لأخي شريح بن الحارث جارية ، فولدت جارية ، فشبت فزوجها ، فولدت غلاما ، وماتت الجدة .

فاختصم أخو شريح والغلام إلى شريح ، قال : فجعل شريح يقول : ليس له ميراث في كتاب الله تعالى ، إنما هو ابن بنت ، وقضى للغلام بالميراث ، قال :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله .

قال : فركب ميسرة بن يزيد إلى عبد الله بن الزبير ، فحدثه بالذي قضى به شريح .

قال : فكتب ابن الزبير إلى شريح : إن ميسرة حدثني أنك قضيت كذا ، وقلت عند ذلك : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله [ ص: 399 ] تعالى ، فإنما كانت تلك الآيات في العصبات في الجاهلية .

وكان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل ، فيقول : ترثني وأرثك ، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك .

قال : فقدم الكتاب إلى شريح فقرأه ، وقال : إنما أعتقها حيتان بطنها ، وأبى أن يرجع عن قضائه .

وكان من الحجة للآخرين على أهل هذه المقالة أن عبد الله بن الزبير قد أخبر في حديثه هذا ، أنهم كانوا يتوارثون بالتعاقد دون الأنساب ، فأنزل الله عز وجل ردا لذلك : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله .

فكان في هذه الآية دفع الميراث بالعاقدة ، وإيجابه لذوي الأرحام دونهم .

ولم يبين لنا في هذه الآية أن ذوي الأرحام هم العصبة أو غيرهم .

فقد يحتمل أن يكونوا هم العصبة ، ويحتمل أن يكون كل ذي رحم ، على ما جاء في تفصيل المواريث ، في غير هذا الحديث .

فلما كان ما ذكرنا كذلك ، ثبت أن لا حجة لأحد الفريقين في هذا الحديث ، وإنما هذا الحديث حجة على ذاهب ، لو ذهب إلى ميراث المتعاقدين ، بعضهم من بعض ، لا غير ذلك ، فهذا معنى حديث ابن الزبير .

وقد ذهب أهل بدر إلى مواريث ذوي الأرحام .

فمما روي عنهم في ذلك ، ما ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا ، عن عمر في كتابه إلى أبي عبيدة بن الجراح .

فلم ينكر أبو عبيدة ذلك عليه ، فدل أن مذهبه فيه كان كمذهبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية