صفحة جزء
745 - حدثنا ابن أبي داود قال : ثنا زهير بن عباد ، قال : ثنا يزيد بن عطاء ، عن أبي إسحاق ، عن علقمة والأسود قالا : قال ابن مسعود ، فذكر نحوه .

ففي هذا الحديث ما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار لقوله لعبد الله : ناولني ثلاثة أحجار .

ولو كان بحضرته من ذلك شيء لما احتاج إلى أن يناوله من غير ذلك المكان .

فلما أتاه عبد الله بحجرين وروثة ، فألقى الروثة ، وأخذ الحجرين ، دل ذلك على استعماله الحجرين ، وعلى أنه قد رأى أن الاستجمار بهما يجزئ مما يجزئ منه الاستجمار بالثلاث . لأنه لو كان لا يجزئ الاستجمار بما دون الثلاث ، لما اكتفى بالحجرين ولأمر عبد الله أن يبغيه ثالثا . ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين - فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .

وأما من طريق النظر فإنا رأينا الغائط والبول إذا غسلا بالماء مرة ، فذهب بذلك أثرهما أو ريحهما حتى لم يبق من ذلك شيء أن مكانهما قد طهر .

ولو لم يذهب بذلك لونهما ولا ريحهما ، احتيج إلى غسله ثانية . فإن غسل ثانية فذهب لونهما وريحهما ، طهر بذلك ، كما يطهر بالواحدة .

[ ص: 123 ] ولو لم يذهب لونهما ولا ريحهما بغسل مرتين ، احتيج إلى أن يغسل بعد ذلك حتى يذهب لونهما وريحهما .

فكان ما يراد في غسلهما هو ذهابهما بما أذهبهما من الغسل ، ولم يرد في ذلك مقدار من الغسل معلوم لا يجزئ ما هو أقل منه .

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الاستجمار بالحجارة ، لا يراد من الحجارة في ذلك مقدار معلوم لا يجزئ الاستجمار بأقل منه ، ولكن يجزئ من ذلك ما أذهب بالنجاسة مما قل أو كثر .

وهذا هو النظر ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية