صفحة جزء
[ ص: 70 ] باب حكم المبيع قبل القبض وبعده

( أخبرنا الربيع بن سليمان ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أما { الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع حتى يقبض : الطعام } قال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله .

( قال الشافعي ) : وبهذا نأخذ ، فمن ابتاع شيئا كائنا ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه ، وذلك أن من باع ما لم يقبض فقد دخل في المعنى الذي يروي بعض الناس { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعتاب بن أسيد حين وجهه إلى أهل مكة انههم عن بيع ما لم يقبضوا وربح ما لم يضمنوا } .

( قال الشافعي ) : هذا بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن ، وهذا القياس على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن بيع الطعام حتى يقبض } ، ومن ابتاع طعامه كيلا فقبضه أن يكتاله ومن ابتاعه جزافا فقبضه أن ينقله من موضعه إذا كان مثله ينقل ، وقد روى ابن عمر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتبايعون الطعام جزافا فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأمرهم بانتقاله من الموضع الذي ابتاعوه فيه إلى موضع غيره } ، وهذا لا يكون إلا لئلا يبيعوه قبل أن ينقل .

( قال الشافعي ) : ومن ملك طعاما بإجازة بيع من [ ص: 71 ] البيوع فلا يبيعه حتى يقبضه ، ومن ملكه بميراث كان له أن يبيعه ، وذلك أنه غير مضمون على غيره بثمن ، وكذلك ما ملكه من وجه غير وجه البيع كان له أن يبيعه قبل أن يقبضه إنما لا يكون له بيعه إذا كان مضمونا على غيره بعوض يأخذه منه إذا فات ، والأرزاق التي يخرجها السلطان للناس يبيعها قبل أن يقبضها ولا يبيعها الذي يشتريها قبل أن يقبضها ; لأن مشتريها لم يقبض ، وهي مضمونة له على بائعها بالثمن الذي ابتاعه إياها به حتى يقبضها أو يرد البائع إليه الثمن ، ومن ابتاع من رجل طعاما فكتب إليه المشتري أن يقبضه له من نفسه فلا يكون الرجل قابضا له من نفسه ، وهو ضامن عليه حتى يقبضه المبتاع أو وكيل المبتاع غير البائع ، وسواء أشهد على ذلك أو لم يشهد ، وإذا وكل الرجل الرجل أن يبتاع له طعاما فابتاعه ثم وكله أن يبيعه له من غيره فهو بنقد لا بدين حتى يبيح له الدين فهو جائز كأنه هو ابتاعه وباعه ، وإن وكله أن يبيعه من نفسه لم يجز البيع من نفسه ، وإن قال قد بعته من غيري فهلك الثمن أو هرب المشتري فصدقه البائع فهو كما قال ، وإن كذبه فعليه البينة أنه قد باعه ، ولا يكون [ ص: 72 ] ضامنا لو هرب المشتري أو أفلس أو قبض الثمن منه فهلك ; لأنه في هذه الحالة أمين .

( قال الشافعي ) : ومن باع طعاما من نصراني فباعه النصراني قبل أن يستوفيه فلا يكيله له البائع حتى يحضر النصراني أو وكيله فيكتاله لنفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية