صفحة جزء
[ ص: 158 ] الزيادة في الرهن والشرط فيه .

( قال الشافعي ) : رحمه الله وإذا رهن رجل رجلا رهنا ، وقبضه المرتهن ثم أراد أن يرهن ذلك الرهن من غير المرتهن أو فضل ذلك الرهن لم يكن ذلك له ، وإن فعل لم يجز الرهن الآخر ; لأن المرتهن الأول صار يملك أن يمنع رقبته حتى تباع فيستوفي حقه ، ولو رهنه إياه بألف ثم سأل الراهن المرتهن أن يزيده ألفا ويجعل الرهن الأول رهنا بها مع الألف الأولى ففعل لم يجز الرهن الآخر ، وكان مرهونا بالألف الأولى وغير مرهون بالألف الآخرة ; لأنه كان رهنا بكماله بالألف الأولى فلم يستحق بالألف الآخرة من منع رقبته على سيده ، ولا غرمائه إلا ما استحق أولا ، ولا يشبه هذا الرجل يتكارى المنزل سنة بعشرة ثم يتكاراه السنة التي تليها بعشرين ; لأن السنة الأولى غير السنة الآخرة ، ولو انهدم بعد السنة الأولى رجع بالعشرين التي هي حظ السنة الآخرة ، وهذا رهن واحد لا يجوز الرهنان فيه إلا معا لا مفترقين ، ولا أن يرهن مرتين بشيئين مختلفين قبل أن يفسخ كما لا يجوز مرتين أن يتكارى الرجل دارا سنة بعشرة ثم يتكاراها تلك السنة بعينها بعشرين إلا أن يفسخ الكراء الأول ، ولا يبتاعها بمائة ثم يبتاعها بمائتين إلا أن يفسخ البيع الأول ويجدد بيعا فإن أراد أن يصح له الرهن الآخر مع الأول فسخ الرهن الأول وجعل الرهن بألفين .

ولو لم يفسخ الرهن وأشهد المرتهن أن هذا الرهن بيده بألفين جازت الشهادة ، وكان الرهن بألفين إذا لم يعرف كيف كان ذلك فإذا تصادقا بأن هذا رهن ثان بعد الرهن الأول لم يفسخ لما وصفت ، وكان رهنا بالألف ، وكانت الألف الأخرى بغير رهن ، ولو كانت لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بها بعد شيئا جاز الرهن ; لأنها كانت غير واجبة عليه ، وكذلك لو زاده ألفا أخرى ورهنه بهما رهنا كان الرهن جائزا ، ولو أعطاه ألفا ورهنه بها ثم قال : له بعد الرهن اجعل لي الألف التي قبل هذا رهنا معها ففعل لم يجز إلا بما وصفت من فسخ الرهن وتجديد رهن بهما معا . ولو كانت لرجل على رجل ألف درهم بلا رهن ثم قال : له زدني ألفا على أن أرهنك بهما معا رهنا يعرفانه ففعل كان الرهن مفسوخا ; لأنه أسلفه الآخرة على زيادة رهن في الأولى ، ولو كان قال : بعني عبدا بألف على أن أعطيك بها وبالألف التي لك علي بلا رهن داري رهنا ففعل كان البيع مفسوخا ، وإذا شرط في الرهن هذا الشرط لم يجز ; لأنها زيادة في سلف أو حصة من بيع مجهولة ، ولو أن رجلا ارتهن من رجل رهنا بألف ، وقبضه ثم زاده رهنا آخر مع رهنه بتلك الألف كان الرهن الأول والآخر جائزا ; لأن الرهن الأول بكماله بالألف والرهن الآخر زيادة معه ، لم تكن للمرتهن حتى جعلها له الراهن فكان جائزا كما جاز أن يكون له حق بلا رهن ثم برهنه به شيئا فيجوز .

التالي السابق


الخدمات العلمية