صفحة جزء
قال : وإذا غصب الرجل من الرجل دابة فاستغلها أو لم يستغلها ولمثلها غلة أو دارا فسكنها أو أكراها أو لم يسكنها ، ولم يكرها ولمثلها كراء أو شيئا ما كان مما له غلة استغله أو لم يستغله انتفع به أو لم ينتفع به فعليه كراء مثله من حين أخذه حتى يرده إلا أنه إن كان أكراه بأكثر من كراء مثله فالمغصوب بالخيار في أن يأخذ ذلك الكراء ; لأنه كراء ماله أو يأخذ كراء مثله ، ولا يكون لأحد غلة بضمان إلا للمالك ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قضى بها للمالك الذي كان أخذ ما أحل الله له والذي كان إن مات المغل مات من ماله . وإن شاء أن يحبس المغل حبسه إلا أنه جعل له الخيار إن شاء أن يرده بالعيب رده ، فأما الغاصب فهو ضد المشتري . الغاصب أخذ ما حرم الله - تعالى - عليه ، ولم يكن للغاصب حبس ما في يديه ، ولو تلف المغل كان الغاصب له ضامنا حتى يؤدي قيمته إلى الذي غصبه إياه ، ولا يطرح الضمان له لو تلف قيمة الغلة التي كانت قبل أن يتلف .

ولا يجوز إلا هذا القول أو قول آخر وهو خطأ عندنا - والله تعالى أعلم - وهو أن بعض الناس زعم أنه إذا سكن أو استغل أو حبس فالغلة والسكن له بالضمان ، ولا شيء عليه ، وإنما ذهب إلى القياس على الحديث الذي ذكرت فأما أن يزعم زاعم أنه إن أخذ غلة أو سكن رد الغلة وقيمة السكنى ، وإن لم يأخذها فلا شيء عليه فهذا [ ص: 255 ] خارج من كل قول لا هو جعل ذلك له بالضمان ، ولا هو جعل ذلك للمالك إذا كان المالك مغصوبا .

( قال الربيع ) : معنى قول الشافعي ليس للمغصوب أن يأخذ إلا كراء مثله ; لأن كراءه باطل وإنما على الذي سكن إذا استحق الدار ربها كراء مثلها ، وليس له خيار في أن يأخذ الكراء الذي أكراها به الغاصب ; لأن الكراء مفسوخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية