صفحة جزء
( قال الشافعي ) ولو كان حمل المرأة سقطا لم يبن خلقه أو ولدت ولدا فمات قبل أن يراه القافة فأرضعت مولودا لم يكن المولود المرضع ابن واحد منهما دون الآخر في الحكم كما لا يكون المولود ابن واحد منهما دون الآخر في الحكم ، والورع أن لا ينكح ابنة واحد منهما وأن لا يرى واحد منهما بناته حسرا ولا المرضعة إن كانت جارية ولا يكون مع هذا محرما لهن يخلو أو يسافر بهن ولو كان المولود عاش حتى تراه القافة فقالوا هو ابنهما معا فأمر المولود موقوف فينتسب إلى أيهما شاء فإذا انتسب إلى أحدهما انقطع عنه أبوة الذي ترك الانتساب إليه ، ولا يكون له أن يترك الانتساب إلى أحدهما دون الآخر يجبر أن ينتسب إلى أحدهما ، وإن مات قبل أن ينتسب أو بلغ معتوها لم يلحق بواحد منهما حتى يموت وله ولد فيقوم ولده مقامه في أن ينتسبوا إلى أحدهما أو لا يكون له ولد فيكون ميراثه موقوفا ( قال الشافعي ) وهذا موضع فيه قولان : أحدهما أن المرضع مخالف للابن لأنه يثبت للابن على الأب وللأب على الابن حقوق الميراث والعقل والولاية للدم ونكاح البنات وغير ذلك من أحكام البنين ولا يثبت للمرضع على ابنه الذي أرضعه ولا لابنه الذي أرضعه عليه من ذلك شيء ، ولعل العلة في الامتناع من أن يكون ابنهما معا لهذا السبب ، فمن ذهب هذا المذهب جعل المرضع ابنهما معا ولم يجعل له الخيار في أن يكون ابن أحدهما دون الآخر وقال ذلك في المسائل قبله التي في معناها . والقول الثاني : أن يكون الخيار للولد فأيهما اختار الولد أن يكون أباه فهو أبوه وأبو [ ص: 33 ] المرضع ولا يكون للمرضع أن يختار غير الذي اختار المولود لأن الرضاع تبع للنسب فإن مات المولود ولم يختر كان للمرضع أن يختار أحدهما فيكون أباه وينقطع عنه أبوة الآخر والورع أن لا ينكح بنات الآخر ولا يكون لهن محرما يراهن بانقطاع أبوته عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية