صفحة جزء
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا أقر الرجل للرجل بشيء ما كان من ذهب أو فضة أو عرض من العروض فوصل إقراره بشيء من الكلام من معنى الإقرار بصفة لما أقر به أو أجل فيما أقر به فالقول قوله في أول الكلام وآخره ، وذلك مثل أن يقول له علي ألف درهم سوداء أو طبرية أو يزيدية أو له علي عبد من صفته أو طعام من صفته أو ألف درهم تحل في سنة أو سنتين فالقول قوله في هذا كله لأني إذا لم أثبت عليه من هذا شيئا إلا بقوله لم يجز أن أجعل قولا واحدا أبدا إلا حكما واحدا لا حكمين . ومن قال أقبل قوله في الدراهم ، وأجعل ذكره الأجل دعوى منه لا أقبلها إلا ببينة لزمه أن يقول إذا أقر بألف درهم كانت نقد البلد الذي أقر به فإن أقر به فإن وصل إقراره بأن يقول طبرية جعلته مدعيا لأنه قد نقص من وزن ألف درهم ، ومن أعيانها ، وإن أقر بطعام فزعم أنه طعام حولي جعلت عليه طعاما جديدا ، ولزمه أن يقول لو قال له علي ألف درهم إلا عشرة يلزمه ألف ، ويبطل الثنيا ، ولزمه لو قال امرأته طالق ثلاثا إلا واحدة أن يقع الثلاث ، ويبطل الثنيا في الواحدة ، ولزمه لو قال رقيقي أحرار إلا واحدا أن يكونوا أحرارا ، ويبطل الثنيا ، ولكنه لو قال علي ألف درهم ثم سكت وقطع [ ص: 257 ] الكلام ثم قال إنما عنيت ألف درهم إلا عشرة ألزمناه إقراره الأول ، ولم نجعل له الثنيا إذا خرج من الكلام ، ولو جعلناه له بعد خروجه من الكلام وقطعه إياه جعلناه له بعد أيام ، وبعد زمان ، وإن قال لك علي ألف درهم من ثمن متاع بعتنيه أو وديعة أو سلف ، وقال إلى أجل فسواء ، وهي إلى الأجل إلا في السلف فإن السلف حال ، الوديعة حالة فلو أن رجلا أسلف رجلا ألف درهم إلى سنة كانت حالة له متى شاء أن يأخذ السلف لأن السلف عارية لم يأخذ بها المسلف عوضا فلا يكون له أخذها قبل ما شرط المسلف فيها ، وهكذا الوديعة ، وجميع العارية من المتاع ، وغيره فلصاحبه أخذه متى شاء ، وسواء غر المعار أو المسلف من شيء أو لم يغره إلا أن الذي يحسن في هذا مكارم الأخلاق ، وأن يفي له فأما الحكم فيأخذها متى شاء ، وإذا كان للرجل على الرجل الدين إلى أجل من الآجال قريب أو بعيد فأراد الذي عليه الدين السفر ، وسأل الذي له الدين أن يحبس عن سفره ، وقال سفره بعيد ، والأجل قريب أو يؤخذ له كفيل أو رهن لم يكن ذلك له ، وقيل إذا حل الأجل طلبته حيث كان أو ماله فقضى لك فيه من يرى القضاء على الغائب ، ومالك حيث وضعته ، وكما وضعته لا يحيله عما تراضيتما به خوف ما لا يدري يكون أو لا أنت ترضى أن تكون أعطيته إياه لا سبيل لك عليه فيه إلى الأجل ثم نجعل لك عليه السبيل قبل الأجل ، ولسنا نعطي بالخوف ما لم يكن لما أعطيته ، ولا ترضى ذمته ، ونأخذ لك مع ذمته رهنا ، وجميلا به ، وكذلك لو بعته متاعا إلى أجل فلم تدفعه إليه حتى تعلم أنه غير مليء جبرناك على دفعه إليه ، ولم نفسخ بينكما البيع حتى يحل الأجل فيكون مفلسا لأنه قد يمكن أن يوسر قبل الأجل

التالي السابق


الخدمات العلمية