صفحة جزء
وقلت لبعض من يقول هذا القول قد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة } الآية وقال في غير آية مثل هذا المعنى فلم زعمت أن كل ذي ناب من السباع حرام وليس هو مما سمى الله منصوصا محرما قال قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له ابن شهاب رواه وهو يضعفه ويقول لم أسمعه حتى جئت الشام قال وإن كان لم يسمعه حتى جاء الشام فقد أحاله على ثقة من أهل الشام قلنا ولا توهنه بتوهين من رواه وخلافه ظاهر الكتاب عندك وابن عباس رضي الله تعالى عنهما مع علمه بكتاب الله عز وجل وعائشة أم المؤمنين مع علمها به وبرسول الله صلى الله عليه وسلم وعبيد بن عمير مع سنه وعلمه يبيحون كل ذي ناب من السباع قال ليس في إباحتهم كل ذي ناب مع السباع ولا في إباحة أمثالهم حجة إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرمه ، وقد تخفى عليهم السنة يعلمها من هو أبعد دارا وأقل للنبي صلى الله عليه وسلم صحبة وبه علما منهم ولا يكون ردهم حجة حين يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه قلنا وتراهم يخفى ذلك عليهم ويسمعه رجل من أهل الشام قال نعم قد خفي على عمر ، والمهاجرين ، والأنصار ما حفظ الضحاك بن سفيان وهو من أهل البادية وحمل بن مالك وهو من أهل البادية قلنا فتحريم كل ذي ناب من السباع مختلف فيه قال وإن اختلف فيه إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق صحيح فرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بمعنى ما أراد الله وليس في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة ولا في خلاف مخالف ما وهن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قلنا ، واليمين مع الشاهد أثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحريم كل ذي ناب من السباع وليس خلاف ظاهر الكتاب وليس لها مخالف واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف ثبت الذي هو أضعف إسنادا وأقوى مخالفا وأعلم مع خلافه ظاهر الكتاب عندك ورددت ما لا يخالف ظاهر الكتاب ولا يخالفه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقلت له أسمعك استدللت بقول عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما ولهما مخالف في التي يغلق عليها الباب ويرخى الستر وقول عثمان أن حجبت الأم عن الثلث بالأخوين ، وقد خالفهم ابن عباس في ذلك وغيره أرأيت [ ص: 23 ] إن ، أوجدتك قول عمر وعبد الرحمن وابن عمر يوافق كتاب الله ، ثم تركت قولهم قال وأين ؟ قلت قال الله عز وجل { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } الآية فلم قلتم يجزيه من قتله خطأ وظاهر القرآن يدل على أنه إنما يجزيه من قتله عمدا قال بحديث عن عمر وعبد الرحمن في رجلين ، أوطئا ظبيا قلت قد يوطئانه عامدين فإذا كان هذا عنك هكذا فقد حكم عمر وعبد الرحمن على قاتلي صيد بجزاء واحد وحكم ابن عمر على قتلة صيد بجزاء واحد وقال الله عز وجل { مثل ما قتل من النعم } ، والمثل واحد لا أمثال وكيف زعمت أن عشرة لو قتلوا صيدا جزوه بعشرة أمثال قال شبهته بالكفارات في القتل على النفر الذين يكون على كل واحد منهم رقبة قلنا ومن قال لك يكون على كل واحد منهم رقبة ، ولو قيل : لك ذلك أفتدع ظاهر الكتاب وقول عمر وعبد الرحمن وابن عمر بأن تقيس ، ثم تخطئ أيضا القياس أرأيت الكفارات أموقتات قال نعم قلت فجزاء الصيد موقت قال لا إلا بقيمته قلنا أفجزاء الصيد إذا كان قيمته بدية المقتول أشبه أم بالكفارات فمائة عندك لو قتلوا رجلا لم يكن عليهم إلا دية واحدة فلو لم يكن فيه إلا القياس كان بالدية أشبه .

وقيل : له : حكم عمر له في اليربوع بجفرة وفي الأرنب بعناق فلم زعمت والله تعالى يقول في جزاء الصيد { هديا بالغ الكعبة } أن هذا لا يكون هديا وقلت لا يجوز ضحية وجزاء الصيد ليس من الضحايا بسبيل جزاء الصيد قد يكون بدنة والضحية عندك شاة وقيل له : قال الله عز وجل { فجزاء مثل ما قتل من النعم } وحكم عمر وعبد الرحمن وعثمان وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين في بلدان مختلفة وأزمان شتى بالمثل من النعم فحكم حاكمهم في النعامة ببدنة والنعامة لا تسوى بدنة وفي حمار الوحش ببقرة وهو لا يسوى بقرة وفي الضبع بكبش وهو لا يسوى كبشا وفي الغزال بعنز ، وقد يكون أكثر ثمنا منها أضعافا ومثلها ودونها وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة وهما لا يسويان عناقا ولا جفرة أبدا فهذا يدل على أنهم إنما نظروا إلى أقرب ما يقتل من الصيد شبها بالبدن لا بالقيمة ، ولو حكموا بالقيمة لاختلفت أحكامهم لاختلاف أسعار ما يقتل في الأزمان ، والبلدان ، ثم قلت في القيمة قولا مختلفا فقلت بجزاء الأسد ولا يعدى به شاة فلم تنظر إلى بدنه ; لأنه أعظم من الشاة ولا قيمته إن كانت قيمته أكثر من شاة وهذا مكتوب في الحج بحججه قال لي أراك تنكر علي قولي في اليمين مع الشاهد هي خلاف القرآن قلت نعم ليست بخلافه القرآن عربي فيكون عام الظاهر وهو يراد به الخاص قال ذلك مثل ماذا قلت مثل قول الله عز وجل { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } فلما كان اسم السرقة يلزم سراقا لا يقطعون مثل من سرق من غير حرز ومن سرق أقل من ربع دينار .

وكانت الثيب تزني فترجم ولا تجلد ، والعبد يزني فيجلد خمسين بالسنة كانت في هذا دلالة على أنه إنما أريد بهذا بعض الزناة دون بعض وبعض السراق دون بعض وليس هذا خلافا لكتاب الله عز وجل فكذلك كل كلام احتمل معاني فوجدنا سنة تدل على أحد معانيه دون غيره من معانيه استدللنا بها وكل سنة موافقة للقرآن لا مخالفة وقولك خلاف القرآن فيما جاءت فيه سنة تدل على أن القرآن على خاص دون عام جهل ، قال فإنا نزعم أن النهي عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها مخالف للقرآن .

فقلت قد أخطأت من موضعين قال وما هما ؟ قلت : لو جاز أن تكون سنة تخالف القرآن فتثبت كانت اليمين مع الشاهد تثبت بها ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فإذا لم تكن سنة ، وكان القرآن محتملا فوجدنا قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم يدل على بعض المعاني دون بعض قلنا هم أعلم بكتاب الله عز وجل وقولهم غير مخالف إن شاء الله تعالى كتاب الله وما لم يكن فيه سنة ولا قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 24 ] ولا إجماع يدل منه على ما وصفت من بعض المعاني دون بعض فهو على ظهوره وعمومه لا يخص منه شيء دون شيء .

وما اختلف فيه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخذنا منه بأشبهه بظاهر التنزيل ، وقولك فيما فيه سنة هو خلاف القرآن جهل بين عند أهل العلم وأنت تخالف قولك فيه .

قال وأين قلنا فيما بينا وفيما سنبين إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية