صفحة جزء
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا اختصم الرجلان إلى القاضي فأقر أحدهما عند القاضي في مجلس الحكم ، أو غير مجلسه ، أو علم القاضي فإن ثبت لأحدهما على الآخر حق قبل الحكم ، أو بعده فالقول فيه واحد من قولين من قال يقضي القاضي بعلمه ; لأنه إنما يقضي بشاهدين على أنه عالم في الظاهر أن ما شهدا به كما شهدا قضى بهذا ، وكان علمه أولى من شهادة شاهدين وشهود كثيرة ; لأنه لا يشك في علمه ويشك في شهادة الشاهدين ومن قال القاضي كرجل من الناس قال إن حكم بينهما لم يكن شاهدا وكلف الخصم شاهدين غيره ، وكان حكمه كحكم من لم يسمع شيئا ولم يعلمه وهذا قول شريح قد جاءه رجل يعلم له حقا فسأله أن يقضي له به فقال ائتني بشاهدين إن كنت تريد أن أقضي لك قال أنت تعلم حقي قال فاذهب إلى الأمير فاشهد لك ومن قال هذا قال إن الله عز وجل تعبد الخلق بأن تؤخذ منهم الحقوق إذا تجاحدوا بعدد بينة فلا تؤخذ بأقل منها ولا تبطل إذا جاءوا بها وليس الحاكم على يقين من أن ما شهدت به البينة كما شهدت ، وقد يكون ما هو أقل منها عددا أزكى فلا يقبل وما تم العدد أنقص من الزكاة فيقبلون إذا وقع عليهم أدنى اسم العدل ولم يجعل للحاكم أن يأخذ بعلمه كما لم يجعل له أن يأخذ بعلم واحد غيره ولا أن يكون شاهدا حاكما في أمر واحد كما لم يكن له أن يحكم لنفسه لو علم أن حقه حق ( قال الربيع ) الذي يذهب إليه الشافعي أنه يحكم بعلمه ; لأن علمه أكبر من تأدية [ ص: 120 ] الشاهدين الشهادة إليه وإنما كره إظهار ذلك لئلا يكون القاضي غير عدل فيذهب بأموال الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية