صفحة جزء
باب جراح العبد

قال أبو حنيفة رضي الله عنه كل شيء يصاب به العبد من يد أو رجل أو عين أو موضحة أو منقلة أو مأمومة أو غير ذلك فهو من قيمته على مقدار ذلك من الحر في كل قليل أو كثير له أرش معلوم من الحر السن والموضحة وما سوى ذلك ففي موضحته أرشها نصف عشر قيمته وفي يده نصف قيمته ، وكذلك عينه وفي المأمومة والجائفة ثلث قيمته وفي منقلته عشر ونصف عشر قيمته وقال أهل المدينة في موضحة العبد نصف عشر ثمنه وفي منقلته عشر ونصف العشر من ثمنه ومأمومته وجائفته في كل واحد منهما ثلث ثمنه فوافقوا أبا حنيفة في هذه الخصال الأربع وقالوا فيما سوى ذلك ما نقص من ثمنه قال محمد بن الحسن كيف جاز لأهل المدينة أن يتحكموا في هذا فيختاروا هذه الخصال الأربع من بين الخصال ؟ أرأيت لو أن أهل البصرة قالوا فنحن نزيد خصلتين أخريين وقال أهل الشام فإنا نزيد ثلاث خصال أخر ما الذي يرد به عليهم فينبغي أن ينصف الناس ولا يتحكم فيقول قولوا بقولي ما قلت من شيء إلا أن يأتي أهل المدينة فيما قالوا من هذا بأثر فتنقاد له وليس عندهم في هذا أثر يفرقون به بين هذه الأشياء فلو كان عندهم جاءونا به فما سمعنا من آثارهم فإذا لم يكن هذا فينبغي الإنصاف فإما أن يكون هذا على ما قال أبو حنيفة في الأشياء كلها وإما أن تكون الأشياء كلها شيئا واحدا فيكون في ذلك كله من هذه الخصال أو غيرها ما نقص من العبد من قيمته ( قال الشافعي ) أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال عقل العبد في ثمنه أخبرنا الثقة عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال عقل العبد في ثمنه ( قال الشافعي ) وبقول ابن المسيب نقول فقال لي بعض من يخالفني فيه نقول يقوم العبد سلعة فما نقصت جراحته من ثمنه كان في جراحته كما نقول ذلك في المتاع أرأيت إذ كنت تزعم أن عقل العبد في ثمنه بالغا ما بلغ فلم لم تقل هكذا في البعير يقتل والمتاع يهلك ؟ قلت قلته من قبل ما يلزمك مثله زعمت أن دية المرأة نصف دية الرجل وأن جراحها بقدر ديتها كجراح الرجل في قدر ديته وقلت لغيره ممن يخالفنا من أصحابنا أنت تزعم أن دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم ودية المجوسي ثمانمائة ثم تزعم أن جراحهم في دياتهم كجراح الحر في ديته فلما كنا نحن وأنتم نقول دية العبد ثمنه خبرا لم يكن يجوز أن يقال في جراحه إلا هكذا لأنا لم نبطل الجراح باختلاف الديات .

قال فهل يجامع البعير والمتاع في رقبته بثمنه ؟ قلنا نعم ديته ثمنه وهي قيمته وهكذا الحر يجامع البرذون فيكون ثمنه مثل دية الحر ولكنه في البرذون قيمته .

، فإن قال ما فرق بينهما ؟ ولم قسته على الحر دون الدابة قلنا بما لا تخالفنا فيه مما يدل عليه كتاب الله قضى الله في النفس تقتل خطأ بدية مسلمة إلى [ ص: 336 ] أهل المقتول وتحرير رقبة وقضى بمثل ذلك في المعاهد فجعلنا نحن وأنت في المسلم والذمي رقبتين والديتان مختلفتان وكل دية .

، وكذلك جعلنا نحن وأنت في المرأة والرجل رقبتين وديتاهما مختلفتان .

، فإن زعمت أن العبد إذا قتل كان على قاتله رقبة مؤمنة يعتقها فإنما جعل الله تعالى الرقبة في القتل حيث ذكر الله الدية وإنما الرقبة في النفس مع القيمة والمتاع قيمة لا رقبة معها أورأيت لو لم يكن عليه من الدلالة ما وصفت وجهلنا هذا أو عمينا عنه فكان يجامع البعير في أن فيه قيمة وفي المتاع قيمة ويجامع الأحرار في أن فيه كفارة وفي أن العبد إذا قتل العبد كان بينهما قصاص وإذا جرحه كان بينهما قصاص عندنا وفي أن عليه ما على الحر في بعض الحدود وأن عليه الفرائض من الصوم والصلاة والكف عن المحارم ألم يكن الواجب على العالمين إذا كان آدميا أن يقيسوه على الآدميين ولا يقيسوه على البهائم ولا على المتاع وأصل ما يذهب إليه أهل العلم بالقياس أن يقولوا لو كان شيء له أصلان وآخر لا أصل فيه فأشبه الذي لا أصل فيه أحد الأصلين في معنيين والآخر في معنى كان الذي أشبهه في معنيين أولى أن يقاس عليه من الذي أشبهه في معنى واحد فهو آدمي مجامع للآدميين فيما وصفت وليس من البهائم ولا المتاع الذي لا فرض عليه بسبيل ( قال الشافعي ) وهذه الحجة على أصحابنا وعلى من يخالفنا من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله في بعض هذا وليس من شيء يدخل عليهم في أصل قولهم إلا الجراح ويلزمهم أكثر منه لأنهم يقصون العبد من الحر في النفس أما من قال من أصحابنا موضحته ومأمومته ومنقلته وجائفته في ثمنه كجراح الحر في ديته فهذا لا معنى لقوله ولقد خرج فيه من جميع أقاويل بني آدم من القياس والمعقول وإنه ليلزمه ما قال محمد وأكثر منه وإنه خالف ما روي عن ابن شهاب عن سعيد بن شهاب عن سعيد بن المسيب فإنه روي عنه ما وصفنا من أن عقل العبد في ثمنه وروي عن غيره ولا نراه أراد إلا المدنيين أنهم قالوا يقوم سلعة فلا هو قومه سلعة ولا هو جعل عقله في ثمنه فخرج من قول المتفقين والمختلفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية