صفحة جزء
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الرجل يقع على الجارية من الغنيمة أنه يدرأ عنه الحد ويؤخذ منه العقر والجارية وولدها من الغنيمة ولا يثبت نسب الولد . وقال الأوزاعي وكان من سلف من علمائنا يقولون عليه أدنى الحدين مائة جلدة ومهر قيمة عدل ويلحقونها وولدها به لمكانه الذي له فيها من الشرك . قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان له فيها نصيب على ما قال الأوزاعي فلا حد عليه وفيها العقر . بلغنا عن عبد الله بن عمر في جارية بين اثنين وطئها أحدهما أنه قال لا حد عليه وعليه العقر . أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال { ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة فإذا وجدتم لمسلم مخرجا فادرءوا عنه الحد } قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : وبلغنا نحو من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان هذا الرجل زانيا فعليه الرجم إن كان محصنا والجلد إن كان غير محصن ولا يلحق الولد به لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أن : الولد للفراش وللعاهر الحجر } والعاهر الزاني ولا يثبت نسب الزاني أبدا ولا يكون عليه المهر وهو زان أرأيت رجلا زنى بامرأة وشهدت عليه الشهود بذلك وأمضى عليه الإمام الحد أيكون عليه مهر وهل يثبت نسب الولد منه ؟ وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم غير واحد وعن أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما والسلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم أقاموا الحدود على الزناة ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه قضى مع ذلك بمهر ولا أثبت منه نسب الولد حدثنا أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن حماد عن إبراهيم أنه قال لا يجتمع الحد والصداق ، الصداق درء الحد وبلغنا عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما في غير حديث في المرأة يؤتى بها وقد فجرت فتقول جعت فأعطاني وتقول الأخرى عطشت فسقاني كل واحدة منها تقول هذا وإن كان هذا الذي وطئ الجارية له نصيب فيها فذلك أحرى أن يدرأ عنه الحد أرأيت الذي وطئ الجارية له فيها نصيب لو أعتق جميع السبي أكان يجوز عتقه فيهم ولا يكون للمسلمين عليهم سبيل فإن كان عتقه يجوز في جماعتهم فقد أخطأ السنة حيث جعل غنيمة المسلمين مولى لرجل واحد .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وما علمت أن أبا يوسف احتج بحرف من هذا إلا عليه زعم أن الرجل إذا وقع بالجارية من السبي لا يثبت للولد نسب ولا يؤخذ منه مهر لأنه زنا ويدرأ عنه الحد ويحتج بأن ابن عمر قال في رجل وقع على جارية له فيها نصيب يدرأ عنه الحد وعليه العقر فإن زعم أن الواقع على الجارية له فيها شرك فإن ابن عمر قال في الرجل يقع على الجارية بينه وبين آخر عليه العقر ويدرأ عنه الحد ونحن وهو نلحق الولد به فلو قاس أبو حنيفة رحمه الله تعالى الواقع على الجارية من الجيش على الواقع على الجارية بينه وبين آخر لحق النسب وجعل عليه المهر ودرأ عنه الحد ، وإن جعله زانيا كما قال لزمه أن يحده إن كان ثيبا حد الزنا بالرجم ، وحده حد البكر إن كان بكرا فجعله زانيا غير زان وقياسا على شيء وخالف بينها وبين ما قاسها عليه والأوزاعي ذهب في أدنى الحدين إلى شيء . روي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في مولاة لحاطب زنت فاستهلت بالزنا فرأى أنها تجهله وهي ثيب فضربها مائة وهي ثيب وما احتج به من أن الرجل من الجيش [ ص: 366 ] لو أعتق لم يجز عتقه حجة عليه وهو أيضا لا يقول في عتق الرجل من الجيش قولا مستقيما فزعم أن الجيش إذا أحرزوا الغنيمة فأعتق رجل من الجيش لم يجز عتقه وإن كان له فيهم شرك لأنه استهلاك ويقول فإن قسموا بين أهل كل راية فأعتق رجل من أهل الراية جاز العتق لأنه شريك فجعله مرة شريكا يجوز عتقه وأخرى شريكا لا يجوز عتقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية