صفحة جزء
الشرط الذي يفسد الكتابة

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى وإذا شرط الرجل على مكاتبته ، أو مكاتبه أنه إذا أدى إليه ما طابت به نفسه عتق أو أنه لا يعتق إلا بما طابت به في نفس سيده ، فالكتابة في هذا كله فاسدة ولو كاتبه على نجوم بأعيانها على أنه إذا أدى فهو حر بعد موت سيده فأداها كان مدبرا ، وكان لسيده بيعه وليست هذه كتابة إنما هذا كقوله : إذا دخلت الدار فأنت حر بعد موتي فله بيعه قبل أدائها وبعده ، وإذا كاتبه على مائة دينار يؤديها في عشر سنين فإن أدى منها خمسين معجلة في سنة ، فالكتابة فاسدة لأنه إلى غير أجل ولو أدى الخمسين الأخرى لم يعتق ; لأنه لم يقل : فإن أديت فأنت حر ، فإن شاء السيد أعتقه وإن شاء لم يعتقه ، ولم يكن شيء من هذا كتابة ، فإن أدى العبد بعد موت سيده لم يعتق العبد على بني سيده ، وكان هذا كالخراج ، ولسيده بيعه في هذا وفي كل كتابة قلت : إنها فاسدة ، وكذلك لو كاتبه على مائة دينار يؤديها في عشر سنين في كل سنة كذا ولم يقل فإذا أديتها فأنت حر كان هذا خراجا ، فإن أداها فليس بحر ، وكذلك لو قال له : إن أديت إلي مائة دينار فأنت مكاتب ، وسواء في هذا كله قال : إذا أديت عتقت ، أو لم يقله ، فإن أدى المائة الدينار فليس بمكاتب لأنه جعله مكاتبا بعد أداء المائة ولم يسم كتابة فكان هذا ليس بكتابة من وجهين ، ولو قال : إن أديت إلي مائة دينار فأنت مكاتب على مائة دينار تؤديها في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها فأدى إليه مائة دينار لم يكن مكاتبا وليس هذا كقوله : إن دخلت الدار فأنت حر ، وإن أديت إلي مائة دينار فأنت حر ; لأن الكتابة ببيع السيد العبد نفسه أشبه ألا ترى أن رجلا لو قال لرجل : إن أعطيتني عشرة دنانير فقد بعتك داري بمائة ، فأعطاه عشرة دنانير لم تكن داره بيعا له بمائة ولا غيرها ولا يكون بينهما بيع حتى يحدثا بيعا مستقبلا يتراضيان به ، فكذلك الكتابة لا يكون العبد مكاتبا حتى يحدثا كتابة يتراضيان بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية