صفحة جزء
( قال الشافعي ) ومن اجتهد فصلى إلى المشرق ، ثم رأى القبلة إلى الغرب استأنف ; لأن عليه أن يرجع من خطأ جهتها إلى يقين صواب جهتها ويعيد الأعمى ما صلى معه متى أعلمه وإن كان شرقا ، ثم رأى أنه منحرف وتلك جهة واحدة كان عليه أن ينحرف ويعتد بما مضى ، وإن كان معه أعمى ينحرف بانحرافه وإذا اجتهد به رجل ، ثم قال له رجل آخر : قد أخطأ بك فصدقه تحرف حيث قال له وما مضى مجزئ عنه ; لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاده ، ( قال المزني ) قد احتج الشافعي في كتاب الصيام فيمن اجتهد ، ثم علم أنه أخطأ أن ذلك يجزئه بأن قال وذلك أنه لو توخى القبلة ، ثم علم بعد كمال الصلاة أنه أخطأ أجزأت عنه كما يجزئ ذلك في خطأ عرفة واحتج أيضا في كتاب الطهارة بهذا المعنى فقال : إذا توخى في أحد الإناءين أنه طاهر والآخر نجس فصلى ، ثم أراد أن يتوضأ ثانية فكان الأغلب عنده أن الذي ترك هو الطاهر لم يتوضأ بواحد منهما ويتيمم ويعيد كل صلاة صلاها بتيمم ; لأن معه ماء متيقنا وليس كالقبلة يتوخاها في موضع ثم يراها في غيره ; لأنه ليس من ناحية إلا وهي قبلة لقوم .

( قال المزني ) فقد أجاز صلاته وإن أخطأ القبلة في هذين الموضعين ; لأنه أدى ما كلف ولم يجعل عليه إصابة العين للعجز عنها في حال الصلاة ، ( قال المزني ) : وهذا القياس على ما عجز عنه المصلي في الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود وستر أن فرض الله كله ساقط عنه دون ما قدر عليه من الإيماء عريانا فإذا قدر من بعد لم يعد فكذلك إذا عجز عن التوجه إلى عين القبلة كان عنه أسقط وقد حولت القبلة ثم صلى أهل قباء ركعة إلى غير القبلة ثم أتاهم آت فأخبرهم أن القبلة قد حولت فاستداروا وبنوا بعد يقينهم أنهم صلوا إلى غير قبلة ، ولو كان صواب عين القبلة المحول إليها فرضا ما أجزأهم خلاف [ ص: 107 ] الفرض لجهلهم به كما لا يجزئ من توضأ بغير ماء طاهر لجهله به ثم استيقن أنه غير طاهر فتفهم - رحمك الله - ، ( قال المزني ) ودخل في قياس هذا الباب أن من عجز عما عليه من نفس الصلاة ، أو ما أمر به فيها أو لها أن ذلك ساقط عنه لا يعيد إذا قدر وهو أولى بأحد قوليه من قوله فيمن صلى في ظلمة أو خفيت عليه الدلائل ، أو به دم لا يجد ما يغسله به ، أو كان محبوسا في نجس أنه يصلي كيف أمكنه ويعيد إذا قدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية