صفحة جزء
[ ص: 215 ] كتاب العارية ( قال الشافعي ) رحمه الله : وكل عارية مضمونة على المستعير ، وإن تلفت من غير فعله { استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان سلاحه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم عارية مضمونة مؤداة } وقال من لا يضمن العارية فإن قلنا إذا اشترط المستعير الضمان ضمن قلت إذا تترك قولك قال وأين ؟ قلت ما تقول في الوديعة إذا اشترط المستودع أو المضارب الضمان أهو ضامن ؟ قال لا يكون ضامنا قلت فإن اشترط على المستسلف أنه غير ضامن أيبرأ ؟ قال لا قلت ، ويرد ما ليس بمضمون إلى أصله ، وما كان مضمونا إلى أصله ، ويبطل الشرط فيهما ؟ قال نعم . قلت : وكذلك ينبغي أن تقول في العارية وكذلك شرط النبي صلى الله عليه وسلم ولا يشترط أنها مضمونة لما لا يضمن قال فلم شرط ؟ قلت لجهالة صفوان به ; لأنه كان مشركا لا يعرف الحكم ولو عرفه ما ضره شرطه له قال : فهل قال هذا أحد ؟ قلت : في هذا كفاية ، وقد قال ابن عباس وأبو هريرة إن العارية مضمونة .

( قال ) : ولو قال رب الدابة أكريتكها إلى موضع كذا وكذا وقال الراكب بل عارية فالقول قول الراكب مع يمينه ولو قال أعرتنيها وقال ربها غصبتنيها كان القول قول المستعير .

( قال المزني ) : رحمه الله هذا عندي خلاف أصله ; لأنه يجعل من سكن دار رجل كمن تعدى على سلعته فأتلفها فله قيمة السكنى ، وقوله من أتلف شيئا ضمن ، ومن ادعى البراءة لم يبرأ فهذا مقر بأخذ سكنى وركوب دابة ، ومدع البراءة فعليه البينة وعلى المنكر رب الدابة والدار اليمين ، ويأخذ القيمة .

( قال الشافعي ) : رحمه الله ومن تعدى في وديعة ثم ردها إلى موضعها الذي كانت فيه ضمن ; لأنه خرج من الأمانة ، ولم يحدث له رب المال استئمانا فلا يبرأ حتى يدفعها إليه ، وإذا أعاره بقعة يبني فيها بناء لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه حتى يعطيه قيمة بنائه قائما يوم يخرجه ، ولو وقت له وقتا وكذلك لو أذن له في البناء مطلقا ولكن لو قال فإن انقضى الوقت كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه ; لأنه لم يغره إنما غر نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية