صفحة جزء
[ ص: 332 ] مختصر ما يحرم من الرضاعة من كتاب الرضاع ومن كتاب النكاح ومن أحكام القرآن .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فيمن حرم مع القرابة { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } وقال صلى الله عليه وسلم { يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة } .

( قال الشافعي ) رحمه الله فبينت السنة أن لبن الفحل يحرم كما تحرم ولادة الأب وسأل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية هل يتزوج الغلام الجارية ؟ فقال : لا ، اللقاح واحد وقال مثله عطاء وطاوس .

( قال الشافعي ) رحمه الله فبهذا كله نقول فكل ما حرم بالولادة وبسببها حرم بالرضاع وكان به من ذوي المحارم والرضاع اسم جامع يقع على المصة وأكثر إلى كمال الحولين ، وعلى كل رضاع بعد الحولين فوجب طلب الدلالة في ذلك وقالت عائشة رضي الله عنها : كان فيما أنزل الله تعالى في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن " ثم نسخن " بخمس معلومات " فتوفي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن فكان لا يدخل عليها إلا من استكمل خمس رضعات وعن ابن الزبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الرضعة ولا الرضعتان } .

( قال المزني ) رحمه الله قلت للشافعي : أفسمع ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم وحفظ عنه وكان يوم سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن تسع سنين ، وعن عروة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات فتحرم بهن } .

( قال ) فدل ما وصفت أن الذي يحرم من الرضاع خمس رضعات كما جاء القرآن بقطع السارق فدل صلى الله عليه وسلم أنه أراد بعض السارقين دون بعض ، وكذلك أبان أن المراد بمائة جلدة بعض الزناة دون بعض لا من لزمه اسم سرقة وزنا وكذلك أبان أن المراد بتحريم الرضاع بعض المرضعين دون بعض واحتج فيما { قال النبي صلى الله عليه وسلم لسهلة بنت سهل لما قالت له : كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل علي وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا تأمرني ؟ فقال عليه السلام فيما بلغنا أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها ففعلت فكانت تراه ابنا من الرضاعة } فأخذت بذلك عائشة رضي الله عنها فيمن أحبت أن يدخل عليها من الرجال وأبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن : ما نرى الذي أمر به صلى الله عليه وسلم إلا رخصة في سالم وحده ، وروى الشافعي رحمه الله أن أم سلمة قالت في الحديث : هو لسالم خاصة .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فإذا كان خاصا فالخاص مخرج من العام والدليل على ذلك قول الله جل ثناؤه { حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } فجعل الحولين غاية وما جعل له غاية فالحكم بعد مضي الغاية خلاف الحكم قبل الغاية كقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } فإذا مضت الأقراء فحكمهن بعد مضيها خلاف حكمهن فيها .

( قال المزني ) وفي ذلك دلالة عندي على نفي الولد لأكثر من سنتين بتأقيت حمله وفصاله ثلاثين شهرا كما نفى توقيت الحولين الرضاع لأكثر من حولين .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وكان عمر رضي الله عنه لا يرى رضاع الكبير يحرم وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما وقال أبو هريرة رضي الله عنه : لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء ، قال : ولا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات كلهن في الحولين قال : [ ص: 333 ] وتفريق الرضعات أن ترضع المولود ثم تقطع الرضاع ثم ترضع ثم تقطع كذلك فإذا رضع في مرة منهن ما يعلم أنه وصل إلى جوفه ما قل منه وما كثر فهي رضعة ، وإن التقم الثدي فلها قليلا وأرسله ثم عاد إليه كانت رضعة واحدة كما يكون الحالف لا يأكل بالنهار إلا مرة فيكون يأكل ويتنفس بعد الازدراد ويعود يأكل فذلك أكل مرة ، وإن طال ، وإن قطع ذلك قطعا بينا بعد قليل أو كثير ثم أكل حنث وكان هذا أكلتين ، ولو أنفد ما في إحدى الثديين ثم تحول إلى الأخرى فأنفد ما فيها كانت رضعة واحدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية