صفحة جزء
[ ص: 637 ] باب المختلفات التي يوجد على ما يؤخذ منها دليل على صلاة الخوف

حدثنا الربيع قال ( قال الشافعي ) قال الله - جل ثناؤه - في صلاة الخوف { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } الآية . حدثنا الربيع قال أخبر الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات { عمن صلى مع النبي يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه ، وصفت طائفة وجاه العدو وصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ركعة ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت عليه ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم } .

حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا من سمع عبد الله بن عمر عن حفص يذكر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن خوات بن جبير عن النبي مثل معناه لا يخالفه ( قال الشافعي ) وأخذنا بهذا في صلاة الخوف إذا كان العدو في غير جهة القبلة أو جهتها غير مأمونين لثبوته عن النبي وموافقته للقرآن قال : وروى ابن عمر عن النبي في صلاة الخوف شيئا يخالف فيه هذه الصلاة روى { أن طائفة صفت مع النبي وطائفة وجاه العدو فصلى بالطائفة التي معه ركعة ثم استأخروا ولم يتموا الصلاة فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي كانت بإزاء العدو فصلوا معه الركعة التي بقيت عليه ثم انصرفت وقامت الطائفتان معا فأتموا لأنفسهم } .

( قال الشافعي ) فإن قال قائل كيف أخذت بحديث خوات بن جبير دون حديث ابن عمر ؟ قيل لمعنيين أحدهما موافقة القرآن وأن معقولا فيه أنه عدل بين الطائفتين وأحرى أن لا يصيب المشركون غرة من المسلمين فإن قال فأين موافقة القرآن ؟ قلت : قال الله : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } إلى وأسلحتهم الآية .

( قال الشافعي ) فذكر الله صلاة الطائفة الأولى معه قال فإذا سجدوا فاحتمل أن يكون إذا سجدوا ما عليهم من السجود كله كانوا من ورائهم ودلت السنة على ما احتمل القرآن من هذا فكان أولى معانيه ، والله أعلم وذكر الله خروج الإمام بالطائفتين من الصلاة ولم يذكر على واحدة من الطائفتين ولا على الإمام قضاء وهكذا حديث خوات بن جبير قال : ولما كانت الطائفة الأولى مأمورة بالوقوف بإزاء العدو في غير صلاة كان معلوما أن الواقف في غير صلاة يتكلم بما يرى من حركة العدو وإرادته ومددا إذا جاءه فيفهمه عنه الإمام والمصلون فيخفف أو يقطع أو يعلمونه أن حركتهم حركة لا خوف فيها عليهم فيقيم على صلاته مطيلا لا معجلا وتخالفهم الطائفة التي بإزائهم أو بعضها وهي غير صلاة والحارس في غير صلاة أقوى من الحارس مصليا فكان أن تكون الطائفة الأخرى إذا حرست الأولى إذ صارت مصلية والحارسة غير مصلية أشبه من أن تكون الأولى قد أخذت من الآخرة ما لم تعطها والحديث الذي يخالف حديث خوات بن جبير تكون فيه الطائفتان معا في بعض الصلاة ليس لهما حارس إلا الإمام وحده وإنما أمر الله إحدى الطائفتين بحراسة الأخرى والطائفة الجماعة لا الإمام الواحد قال وإنما أراد الله أن لا يصيب المشركون غرة من أهل دينه ، وحديث خوات بن جبير كما وصفنا أقوى من المكيدة ، وأحسن لكل المسلمين من الحديث الذي يخالفه .

( قال الشافعي ) فبهذه الدلائل قلنا بحديث خوات بن جبير ( قال الشافعي ) وقد روي حديث لا يثبت أهل العلم بالحديث مثله { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد بطائفة ركعة ثم سلموا وبطائفة ركعة ثم سلموا } فكانت للإمام ركعتان وعلى كل واحدة ركعة وإنما تركناه لأن جميع الأحاديث في صلاة الخوف مجتمعة على أن على المأمومين من عدد الصلاة مثل ما على الإمام وكذلك أصل الفرض في الصلاة على الناس واحد في العدد ولأنه لا يثبت عندنا مثله لشيء في بعض إسناده قال وروي في صلاة الخوف أحاديث لا تضاد حديث خوات بن جبير وذلك أن جابرا روى { أن النبي [ ص: 638 ] صلى ببطن نخل صلاة الخوف بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم وهاتان الطائفتان محروستان } فإن صلى الإمام هكذا أجزأ عنه ( قال الشافعي ) وقد روى أبو عياش الزرقي { أن العدو كان في القبلة فصلى النبي بالطائفتين معا بعسفان فركع وركعوا ثم سجد فسجدت معه طائفة وقامت طائفة تحرسه فلما قام سجد الذين يحرسونه } وهكذا نقول لأن أصحاب النبي كانوا كثيرا والعدو قليل لا حائل بينهم وبينه يخاف حملتهم فإذا كانوا هكذا صليت صلاة الخوف هكذا وليس هذا مضادا للحديث الذي أخذنا به ولكن الحالين مختلفان .

التالي السابق


الخدمات العلمية