صفحة جزء
كتاب صلاة الكسوف .

أخبرنا الربيع سليمان قال أخبرنا الشافعي قال قال الله : تبارك وتعالى { ، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار ، وهم لا يسأمون } ، وقال الله تبارك وتعالى { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس } إلى قوله " يعقلون " مع ما ذكر من الآيات في كتابه ( قال الشافعي ) : فذكر الله عز وجل الآيات ، ولم يذكر معها سجودا إلا مع الشمس والقمر ، وأمر بأن لا يسجد لهما ، وأمر بأن يسجد له فاحتمل أمره أن يسجد له عند ذكر الشمس والقمر بأن يأمر بالصلاة عند حادث في الشمس والقمر ، واحتمل أن يكون إنما نهى عن السجود لهما كما نهى عن عبادة ما سواه ، فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يصلى لله [ ص: 277 ] عند كسوف الشمس والقمر فأشبه ذلك معنيين : أحدهما أن يصلي عند كسوفهما لا يختلفان في ذلك ، وأن لا يؤمر عند كل آية كانت في غيرهما بالصلاة كما أمر بها عندهما لأن الله تبارك وتعالى لم يذكر في شيء من الآيات صلاة ، والصلاة في كل حال طاعة لله تبارك وتعالى وغبطة لمن صلاها ( قال الشافعي ) : فيصلي عند كسوف الشمس والقمر صلاة جماعة ، ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرهما أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال { كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياما طويلا قال نحوا من قراءة سورة البقرة قال ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا ، وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا ، وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياما طويلا ، وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا ، وهو دون الركوع الأول ثم رفع ثم قام قياما طويلا ، وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا ، وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف ، وقد تجلت الشمس فقال : إن الشمس ، والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ، ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قالوا يا رسول الله رأيناك قد تناولت في مقامك هذا شيئا ثم رأيناك كأنك تكعكعت فقال : إني رأيت أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ، ورأيت أو أريت النار فلم أر كاليوم منظرا ورأيت أكثر أهلها النساء فقالوا : لم يا رسول الله ؟ قال بكفرهن قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : يكفرن العشيرة ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيرا قط } ( قال الشافعي ) : فذكر ابن عباس ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة دليل على أنه خطب بعدها ، وكان في ذلك دليل على أنه فرق بين الخطبة للسنة ، والخطبة للفرض فقدم خطبة الجمعة لأنها مكتوبة قبل الصلاة وأخر خطبة الكسوف لأنها ليست من الصلوات الخمس ، وكذلك صنع في العيدين لأنهما ليستا من الصلوات ، وهكذا ينبغي أن تكون في صلاة الاستسقاء ، وذكر أنه أمر في كسوف الشمس والقمر بالفزع إلى ذكر الله ، وكان ذكر الله عز وجل الذي فزع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التذكير فوافق ذلك قول الله عز وجل { قد أفلح من تزكى ، وذكر اسم ربه فصلى } ( قال الشافعي ) : فكان في قول ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاية من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر في خسوف القمر بما أمر به في كسوف الشمس ، والذي أمر به في كسوف الشمس فعله من الصلاة والذكر ثم ذكر سفيان ما يوافق هذا ( قال الشافعي ) : أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود الأنصاري قال { : انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ، ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ، وإلى الصلاة } ( قال الشافعي ) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أيضا فيهما معا بالصلاة ( قال الشافعي ) : أخبرنا إبراهيم عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الحسن عن ابن عباس { إن القمر انكسف ، وابن عباس بالبصرة فخرج ابن عباس فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتان ثم ركب فخطبنا فقال : إنما صليت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قال ، وقال : إن الشمس ، والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ، ولا لحياته فإذا رأيتم شيئا منهما كاسفا فليكن فزعكم إلى الله } .

( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم { إن الشمس كسفت فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصفت صلاته . [ ص: 278 ] ركعتين في كل ركعة ركعتان }

( قال الشافعي ) : أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ( قال الشافعي ) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو سهيل نافع عن أبي قلابة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ( قال الشافعي ) : وروي { عن ابن عباس أنه قال : قمت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة كسوف الشمس فما سمعت منه حرفا } ، وفي قول بقدر سورة البقرة دليل على أنه لم يسمع ما قرأ به لأنه لو سمعه لم يقدر بغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية