صفحة جزء
باب التلبية

عن نافع عن ابن عمر أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال نافع : فكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك، لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل لم يذكر البخاري زيادة ابن عمر وفي رواية لمسلم (أن ابن عمر حكى هذه الزيادة عن عمر أنه كان يقولها بعد التلبية).

وللنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة قال كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك إله الحق لبيك وللحاكم وصححه من حديث ابن عباس بعد التلبية قال إنما الخير خير الآخرة وفي العلل للدارقطني من حديث أنس لبيك حجا حقا، تعبدا ورقا


(باب التلبية)

عن نافع عن عمر أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك قال نافع وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك، لبيك وسعديك والخير بين يديك، لبيك والرغباء [ ص: 89 ] إليك والعمل . لم يذكر البخاري زيادة ابن عمر .

(فيه) فوائد:

(الأولى) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من هذا الوجه من طريق مالك وأخرجه مسلم أيضا وابن ماجه ومن رواية عبيد الله بن عمر . وأخرجه الترمذي من رواية أيوب السختياني والليث بن سعد كلهم عن نافع وليس في رواية البخاري زيادة ابن عمر ولا في رواية الترمذي من طريق أيوب وقال الترمذي حديث صحيح وأخرجه مسلم أيضا من رواية موسى بن عقبة عن سالم ونافع وحمزة بن عبد الله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائما عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال لبيك . فذكره وفي آخره قال نافع كان عبد الله يزيد مع هذا لبيك فذكره وروى مسلم من رواية الزهري عن سالم عن أبيه التلبية المرفوعة وفي آخره وكان عبد الله بن عمر يقول كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات ويقول لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل . وهو في صحيح البخاري بدون هذه الزيادة في اللباس.

(الثانية) التلبية مصدر لبى أي قال لبيك وهو مثنى عند سيبويه والجمهور وقال يونس بن حبيب هو اسم مفرد وألفه إنما انقلبت باء لاتصالها بالضمير كلدي وعلي.

والصحيح الأول بدليل قلبها ياء مع المظهر وهذه التثنية ليست حقيقية بل هي للتكثير والمبالغة كما في قوله تعالى بل يداه مبسوطتان [ ص: 90 ] أي نعمتاه عند من أول اليد بالنعمة ونعمه تعالى لا تحصى ومعناه إجابة بعد إجابة ولزوما لطاعتك قال ابن الأنباري ثنوا لبيك كما ثنوا حنانيك أي تحننا بعد تحنن وأصل لبيك لببيك فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات فأبدلوا من الثالثة ياء كما قالوا من الظن تظنيت وأصله تظننت واختلفوا في اشتقاقها ومعناها فقيل معناها اتجاهي وقصدي إليك، مأخوذ من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها وقيل معناها محبتي لك مأخوذ من قولهم امرأة لبة إذا كانت محبة ولدها عاطفة عليه.

وقيل معناها إخلاصي لك مأخوذ من قولهم حسب لباب، إذا كان خالصا محضا ومن ذلك لب الطعام ولبابه وقيل معناها أنا مقيم على طاعتك وإجابتك مأخوذ من قولهم لب الرجل بالمكان وألب إذا أقام فيه ولزمه قال ابن الأنباري وبهذا قال الخليل والأحمر وقال إبراهيم بن الحربي معنى لبيك قربا منك وطاعة، والألباب القرب، وقال أبو نصر :

معناه أنا ملب بين يديك أي خاضع حكى هذه الأقوال القاضي عياض وغيره قال الزمخشري في الفائق وهو منصوب على المصدر للتكثير ولا يكون عامله إلا مضمرا كأنه قال ألب إلبابا بعد إلباب قال ابن عبد البر ومعنى التلبية إجابة الله فيما فرض عليهم من حج بيته والإقامة على طاعته فالمحرم بتلبيته مستجيب لدعاء الله إياه في إيجاب الحج عليه ومن أجل الاستجابة والله أعلم لبى لأن من دعي فقال لبيك فقد استجاب ثم قال: وقال جماعة من أهل العلم إن معنى التلبية إجابة إبراهيم عليه السلام حين أذن في الناس بالحج وقال القاضي عياض قيل وهذه الإجابة لقوله تعالى لإبراهيم عليه السلام وأذن في الناس بالحج انتهى.

وروى ابن الجوزي في كتابه (مثير الغرام الساكن) عن مجاهد قال: لما قيل لإبراهيم وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا قال يا رب كيف أقول ؟ قال قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم فصعد الجبل فنادى يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابوه لبيك اللهم لبيك فكان هو أول التلبية .

وعن عبيد بن عمير أنه استقبل المشرق ثم المغرب ثم اليمن ثم الشام فدعا فأجيب لبيك لبيك ، وقال عبيد الله بن مروان بلغني عن بدء التلبية أن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيم عليه السلام في شأن حج البيت وكان [ ص: 91 ] غرق زمن الطوفان وبقي أساسه فأمر أن يتبع سحابة وكان كلما نودي منها يا إبراهيم بيتي بيتي قال لبيك لبيك .

(الثالثة) في المرفوع تكرير لفظه لبيك ثلاث مرات وكذا في الموقوف إلا أن في المرفوع الفصل بين الأولى والثانية بقوله اللهم وقد نقل اتفاق الأدباء على أن التكرير اللفظي ألا يزاد على ثلاث مرات .

(الرابعة) قوله إن الحمد روي بكسر الهمزة على الاستئناف وفتحها على التعليل وجهان مشهوران لأهل الحديث واللغة قال الجمهور والكسر أجود وحكاه الزمخشري عن أبي حنيفة وابن قدامة عن أحمد بن حنبل وحكاه ابن عبد البر عن اختيار أهل العربية.

وقال الخطابي الفتح رواية العامة وحكاه الزمخشري عن الشافعي وقال ثعلب الاختيار الكسر وهو أجود في المعنى من الفتح لأن من كسر جعل معناه إن الحمد والنعمة لك على كل حال ومن فتح قال معناه لبيك لهذا السبب وقال ابن عبد البر المعنى عندي واحد لأنه يحتمل أن يكون من فتح الهمزة، أراد لبيك لأن الحمد على كل حال والملك لك والنعمة وحدك دون غيرك حقيقة لا شريك لك (قلت) التقييد ليس في الحمد وإنما هو في التلبية فمعنى الفتح تلبيته بسبب أن له الحمد ومعنى الكسر تلبيته مطلقا غير معلل ولا مقيد فهو أبلغ في الاستجابة لله والله أعلم.

(الخامسة) قوله والنعمة لك المشهور فيه نصب النعمة قال القاضي عياض ويجوز رفعها على الابتداء ويكون الخبر محذوفا قال ابن الأنباري وإن شئت جعلت خبر إن محذوفا تقديره إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك.

(السادسة) وقوله والملك ، فيه وجهان أيضا:

(أشهرهما) النصب عطفا على اسم إن.

(والثاني) الرفع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة الخبر المتقدم عليه ويحتمل أن تقديره والملك كذلك.

(السابعة) قوله وسعديك قال القاضي عياض إعرابها وتثنيتها كما سبق في لبيك ومعناه مساعدة لطاعتك بعد مساعدة وقال المازري وقيل معناه اسعدنا سعادة بعد سعادة وإسعادا بعد إسعاد وكذا قال ابن العربي إنه سؤال من الله السعد وتأكيد فيه وقال إبراهيم الحربي لم يسمع سعديك مفردا وهو من المصادر المنصوبة بفعل مضمر.

(الثامنة) قوله [ ص: 92 ] والخير بيديك أي في قبضتك وملكك وهو من باب إصلاح المخاطبة كما في قوله تعالى وإذا مرضت فهو يشفين

(التاسعة) الرغباء فيه ثلاثة أوجه فتح الراء والمد وهو أشهرها وضم الراء مع القصر وهو مشهور أيضا وفتح الراء مع القصر وهو غريب حكاه أبو علي الجبائي وغيره ونظير الوجهين الأولين العلياء والعليا والنعماء والنعمى ومعنى اللفظة الطلب والمسألة أي إنه تعالى هو المطلوب المسئول منه فبيده جميع الأمور قال شمر رغب النفس سعة الأمل وطلب الكثير.

(العاشرة) قوله والعمل أي إن العمل كله لله تعالى لأنه المستحق للعبادة وحده وفيه حذف يحتمل أن تقريره كالذي قبله أي والعمل إليك أي إليك القصد به والانتهاء به إليك لتجازي عليه ويحتمل أن تقريره والعمل لك

(الحادية عشرة) ليس في الحديث بيان حكم التلبية وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

(أحدهما) أنها سنة من سنن الحج والعمرة يصحان بدونها ولا إثم على تاركها ولا دم ناسيا كان أو متعمدا وهذا قول الشافعي وأحمد وقال ابن عبد البر لم أجد في هذه المسألة نصا عن الشافعي وأصوله يدل على أن التلبية ليست من أركان الحج عنده ثم قال وذكر ابن خواز بنداد عن الحسن بن حي والشافعي أن التلبية إن فعلها فحسن وإن تركها فلا شيء عليه.

(الثاني) أنها واجبة ويجب بتركها الدم وهو وجه لبعض الشافعية حكاه الماوردي عن ابن خيران وابن أبي هريرة وأنهما زعما أنهما وجدا للشافعي نصا يدل عليه وقال الماوردي ليس يعرف له نص يدل عليه وحكاه ابن قدامة عن أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن أبي حنيفة ومالك وذكر ابن عبد البر عن ابن القاسم أنه إن لم يذكر التلبية حتى خرج من حجه رأيت أن يهرق دما قال إسماعيل بن إسحاق وهذا بدل من قوله على أن الإهلال للإحرام ليس عنده بمنزلة التكبير للدخول في الصلاة.

واستدل صاحب الإمام لمن قال بالوجوب بما روى أبو سعيد بن الأعرابي من حديث زينب بنت جابر الأحمسية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة قولي لها تتكلم فإنه لا حج لمن لا يتكلم .

وفي الاستدلال نظر لأنه لم يتعين أن يكون الكلام بالتلبية لا سيما والذي يظهر أن هذه المرأة أنما صمتت عن كلام الآدميين وخطابهم لا عن ذكر الله والتلبية [ ص: 93 ] من الذكر.

(الثالث) أنها سنة ويجب بتركها الدم حكاه النووي عن مالك وفيه نظر ولم أره في كتب المالكية والسنة لا يجب بتركها دم.

(الرابع) أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها ولا يصح الإحرام ولا الحج إلا بها وهذا قول أبي عبد الله الزبيري من الشافعية وروى سعيد بن منصور في سننه عن عطاء قال التلبية فرض الحج وقال ابن المنذر كان ابن عمر يقول الفرض التلبية وبه قال عطاء وعكرمة وطاوس وقال ابن عباس الفرض الإهلال وقال ابن مسعود الفرض الإحرام وبه قال ابن الزبير انتهى.

وقال ابن شاس في الجواهر قال ابن حبيب التلبية كتكبيرة الإحرام وقال ابن عبد البر التلبية عند الثوري وأبي حنيفة ركن من أركان الحج والحج إليها مفتقر.

وقال ابن قدامة في المغني وعن الثوري وأبي حنيفة أنها من شرط الإحرام لا يصح إلا بها كالتكبير للصلاة وقال ابن حزم الظاهري هي فرض ولو مرة.

وحكى النووي في شرح المهذب عن داود الظاهري أنه لا بد من رفع الصوت بها.

(الخامس) وجوبها على التخيير فلا ينعقد الإحرام حتى يقترن بالنية قول أو فعل مما يتعلق بالحج كالتلبية والتوجه على الطريق وهذا مذهب مالك بمقتضى نقل ابن شاس في الجواهر فإنه صدر به كلامه ثم حكى مقالة ابن حبيب المتقدم ذكرها.

(السادس) وجوبها على التخيير أيضا لكن بتفصيل آخر فلا ينعقد الإحرام حتى تنضم إليه التلبية أو سوق الهدي أو تقليد البدن ويقوم مقام التلبية ما في معناها من التسبيح والتهليل وسائر الأذكار وهذا قول أبي حنيفة كما يقول في إحرام الصلاة إنه لا يختص بالتكبير بل يقوم مقامه ما دل على التعظيم ويرى الحج أوسع من الصلاة وفي ذلك لقيام سوق الهدي ونحوه مقام التلبية وما في معناها قال صاحب الهداية هذا هو المشهور بين أصحابنا.

(السابع) قال ابن المنذر وقال أصحاب الرأي إن كبر وهلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم انتهى.

وفيه وجوب التلبية على التخيير بتفصيل آخر فإنه ليس فيه التخيير بين ذلك وبين سوق الهدي ونحوه.

(الثامن) قال ابن المنذر أيضا وقالت عائشة لا إحرام إلا لمن أهل أو لبى [ ص: 94 ] انتهى وفيه وجوب التلبية على التخيير بتفصيل غير ما تقدم فهذه المذاهب الأربعة الأخيرة متفقة على إيجاب التلبية على التخيير لكن بتفاصيل مختلفة.

(التاسع) أنه يجب بترك تكرارها دم وهو أشهر قولي المالكية كما حكاه ابن العربي وهذا قدر زائد على أصل وجوب التلبية

(الثانية عشرة) ليس في هذه الرواية أن هذه تلبيته عليه الصلاة والسلام في الإحرام وفي بعض طرقه التصريح بأنه كان يقول ذلك عند الإحرام وقد تقدم شيء من ذلك في الفائدة الأولى وقال ابن قدامة في المغني ولا بأس أن يلبي الحلال وبه قال الحسن والنخعي وعطاء بن السائب والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي وكرهه مالك انتهى .

(الثالثة عشرة) لم يقتصر راوي الحديث ابن عمر رضي الله عنهما على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم بل زاد فيها ما تقدم وهو جائز بلا استحباب ولا كراهة كما هو مذهب الأئمة الأربعة وقال ابن عبد البر قال مالك أكره أن يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد قولي الشافعي .

وقد روي عن مالك أنه لا بأس أن يزاد فيها ما كان ابن عمر يزيده في هذا الحديث انتهى وفي الجواهر لابن شاس قال أشهب ومن اقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروفة اقتصر على حظ وافر ولا بأس عليه إن زاد على ذلك انتهى ولم ينقل ما يخالف قول أشهب وحكى الحنفية عن الشافعية أنه كره الزيادة على تلبية النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف ذلك أصحابنا بل أنكروه فقال الشيخ أبو حامد ذكر أهل العراق عن الشافعي أنه كره الزيادة على ذلك قال وغلطوا بل لا تكره الزيادة ولا تستحب انتهى.

نعم نقل الترمذي عن الشافعي أن الأحب الاقتصار عليها ولا يلزم من كون الزيادة عليها خلاف الأحب والأولى وأن تكون مكروهة وعبارته قال الشافعي فإن زاد في التلبية من تعظيم الله فلا بأس إن شاء الله وأحب إلي أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الشافعي وإنما قلنا لا بأس بزيادة تعظيم الله فيها لما جاء عن ابن عمر وهو حافظ التلبية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم زاد ابن عمر في تلبيته من قبله (لبيك والرغباء إليك والعمل) انتهى.

وحكى البيهقي [ ص: 95 ] في المعرفة عن الشافعي أنه قال ولا أضيق على أحد في مثل ما قال ابن عمر ولا غيره من تعظيم الله تعالى ودعائه مع التلبية غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التلبية.

ومشى على ذلك في الخلافيات ونصب الخلاف في ذلك بين أبي حنيفة والشافعي فقال الاقتصار على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ولا يضيق أن يزيد عليها وقال أبو حنيفة إن زاد فحسن انتهى.

وفي سنن أبي داود وابن ماجه عن جابر قال أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر التلبية قال والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا .

وفي مصنف ابن أبي شيبة عن المسور بن مخرمة قال: كانت تلبية عمر وذكر المرفوع وزاد بعده (لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك ذا النعماء والفضل) وزاد في رواية الحسن يبدي ذلك ويعيده وفي سنن سعيد بن منصور عن الأسود بن يزيد أنه كان يقول (لبيك غفار الذنوب لبيك) .

وفي تاريخ مكة للأزرقي بإسناد مفصل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد مر بفج الروحاء سبعون نبيا تلبيتهم شتى منهم يونس بن متى . وكان يونس يقول لبيك فراج الكرب لبيك وكان موسى يقول لبيك أنا عبدك لديك لبيك قال وتلبية عيسى أنا عبدك وابن أمتك بنت عبدك لبيك . وروى الشافعي ومن طريقه البيهقي من رواية عبد الله بن أبي سلمة قال (سمع سعد رجلا يقول لبيك ذا المعارج، فقال إنه لذو المعارج ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نقول ذلك) .

(الرابعة عشرة) ورد في تلبية النبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ زائدة على حديث ابن عمر (منها) ما رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة قال: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك إله الحق لبيك . قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وقال النسائي لا أعلم أحدا أسند هذا الحديث إلا عبد الله بن الفضل وهو ثقة وروى الحاكم في مستدركه من رواية داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات فلما قال لبيك اللهم لبيك، قال إنما الخير خير الآخرة .

قال وقد احتج البخاري بعكرمة واحتج مسلم بداود وهذا الحديث صحيح ولم يخرجاه وروى [ ص: 96 ] الدارقطني في العلل من رواية محمد بن سيرين عن يحيى بن سيرين عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبيك حجا حقا تعبدا ورقا . وفيه لطيفة وهي اجتماع ثلاثة إخوة يروي بعضهم عن بعض.

وروى البيهقي من رواية ابن جريج عن حميد الأعرج عن مجاهد : أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر من التلبية لبيك اللهم لبيك . فذكرها إلى آخرها قال حتى إذا كان يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك إن العيش عيش الآخرة قال ابن جريج وحسبت أن ذلك كان يوم عرفة .

(الخامسة عشرة) استحب أصحابنا بعد الفراغ من التلبية أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل الله تعالى رضاه والجنة ويتعوذ به من النار واستأنسوا في ذلك بما رواه الشافعي والدارقطني والبيهقي من رواية صالح بن محمد بن زائدة عن عمارة بن حريم بن ثابت عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبية سأل الله تعالى رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار قال صالح سمعت القاسم بن محمد يقول وكان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وصالح هذا ضعفه الجمهور وقال أحمد لا أرى به بأسا.

التالي السابق


الخدمات العلمية