صفحة جزء
وعن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية على أن لا يشركن بالله شيئا قالت : وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط إلا امرأة يملكها وعنها قالت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتحن المؤمنات إلا بالآية التي قال الله عز وجل إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن ولا ولا .


الحديث الثاني وعن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية على أن لا يشركن بالله شيئا قالت : وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط إلا امرأة يملكها وعنها قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن المؤمنات إلا بالآية التي قال الله عز وجل إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله ولا ولا فيه عشر فوائد : (الأولى) أخرجه البخاري باللفظ الأول عن محمود وهو ابن غيلان ورواه عبد الرزاق وروى الترمذي بعضه عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق بلفظ ما كان يمتحن إلا بالآية التي قال الله إذا جاءك المؤمنات يبايعنك الآية قال معمر فأخبرني ابن طاوس عن أبيه قال ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة [ ص: 44 ] إلا امرأة يملكها وأخرجه البخاري تعليقا ومسلم والنسائي وابن ماجه من طريق يونس بن يزيد عن الزهري بلفظ كان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بقول الله عز وجل يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين إلى آخر الآية ، قالت عائشة فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال : لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقن فقد بايعتن ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام قالت عائشة ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله عز وجل ولا مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول لهن : إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما لفظ مسلم وأخرجه مسلم وأبو داود من طريق مالك عن الزهري بلفظ . ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته قال : اذهبي فقد بايعتك .

(الثانية) المبايعة مأخوذة من البيع فإن المبايع للإمام يلتزم له أمورا كأنه باعه إياها وأخذ عوضها ثوابها كما قال تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية والامتحان الاختبار والمراد اختبار صحة إيمانهم بإقرارهن بهذه الأمور والتزامهن إياها وقول عائشة رضي الله عنها فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة فقد بايع البيعة المعتبرة في الشرع .

(الثالثة) قولها رضي الله عنها كان يبايع النساء بالكلام أي فقط من غير أخذ كف ولا مصافحة وهو دال على أن بيعة الرجال بأخذ الكف والمصافحة مع الكلام وهو كذلك ، وما ذكرته عائشة رضي الله عنها من ذلك هو المعروف وذكر بعض المفسرين أنه عليه الصلاة والسلام دعى بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس فيه أيديهن وقال بعضهم ما صافحهن بحائل وكان على يده ثوب قطري ، وقيل : كان عمر رضي الله عنه يصافحهن عنه ولا يصح شيء من ذلك لا سيما الأخير وكيف يفعل عمر رضي الله عنه أمرا لا يفعله صاحب العصمة الواجبة .

(الرابعة) وفيه أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه لا في مبايعة ولا في غيرها وإذا لم يفعل هو ذلك مع [ ص: 45 ] عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه فإنه لم يعد جوازه من خصائصه ، وقد قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم : إنه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها كالوجه وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف فتنة فتحريم المس آكد من تحريم النظر ، ومحل التحريم ما إذا لم تدع لذلك ضرورة فإن كان ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها مما لا يوجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة .

(الخامسة) دخل فيما لا يملكه المحارم فظاهره أنه لم تمس يده يد أحد من محارمه وذلك على سبيل التورع وليس ذلك ممتنعا ، وإن اقتضت عبارة النووي في الروضة امتناعه حيث قال : ويحرم مس كل ما جاز النظر إليه من المحارم لكنها عبارة مؤولة وغير مأخوذ بظاهرها ، وقد حكى شيخنا الإمام عبد الرحيم الإسنوي الإجماع على الجواز ، والذي ذكره الرافعي وغيره أنه لا يجوز للرجل مس بطن أمه ولا ظهرها ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها ولا أن يقبل وجهها وقد يكون لفظ الحديث من العموم المخصوص أو يدعي دخول المحارم فيما يملكه أي يملك مسه لا أن المراد يملك الاستمتاع به وهو بعيد .

(السادسة) وفيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الحاجة وأن صوتها ليس بعورة .

(السابعة) قوله في الرواية التي حكيناها في آخر الفائدة الأولى عن مسلم وأبي داود ما مس بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها هو استثناء منقطع وتقديره ما مس امرأة قط لكن يأخذ عليها البيعة بالكلام .

قال النووي وهذا التقدير مصرح به في الرواية الأولى ولا بد منه .

(الثامنة) قوله ما كان يمتحن المؤمنات إلا بالآية أي يتلو الآية المذكورة عليهن ولا يزيد شيئا من قبله فإن قيل : قد أخذ عليهن ترك النياحة قيل : هي داخلة في المعروف المذكور في قوله .

ولا يعصينك في معروف وروى أبو بكر البزار في مسنده عن ابن عباس في هذه الآية قال كانت المرأة إذا جاءت النبي صلى الله عليه وسلم حلفها عمر بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض وبالله ما خرجت التماس دنيا وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله فيه قيس بن الربيع مختلف فيه .

(التاسعة) قوله (ولا ولا) [ ص: 46 ] إشارة إلى بقية الآية وهو ولا يسرقن ولا يزنين إلى آخرها .

(العاشرة) قط تأكيد النفي في الزمن الماضي وجمع فيها الجوهري في الصحاح أربع لغات وهي فتح القاف وضمها مع تشديد الطاء وتخفيفها وهي مضمومة بكل حال ، وزاد النووي في شرح مسلم لغة خامسة وهي فتح القاف وتشديد الطاء وكسرها وسادسة وسابعة وهما فتح القاف مع تخفيف الطاء ساكنة ومكسورة ولم يذكر بعض ما ذكره الجوهري فإنه لم يذكر سوى خمس لغات ولم ينقل فيها ابن سيده في المحكم سوى ثلاث لغات ثم حكى عن بعض النحويين أن أصل قولهم : قط بالتشديد قطط فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخر متحركا إلى إعرابه ولو قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجها في العربية . انتهى .

فأما الكسر فقد عرفت أن النووي حكاه واستفدنا من هذا البحث لغة ثامنة وهي فتح القاف وتشديد الطاء وفتحها وأشهر هذه اللغات فتح القاف وتشديد الطاء وضمها .

التالي السابق


الخدمات العلمية