صفحة جزء
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المؤمنين ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله ، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة فيتبعوني ، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي .


[ ص: 203 ] الحديث الخامس ، وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله ، ولكن لا أجد سعة ؛ فأحملهم ، ولا يجدون سعة فيتبعوني ، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي . (فيه) فوائد :

(الأولى) أخرجه مسلم من هذا الوجه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام ، ومن طريق أبي الزناد عن الأعرج ، وأخرجه البخاري من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، واتفقا عليه من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي صالح ، ومن طريق عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة خمستهم عن أبي هريرة .

(الثانية) السرية قطعة من الجيش تنفرد بالغزو ، وقال في النهاية يبلغ أقصاها أربعمائة ، وقال في المحكم ما بين خمسة أنفس إلى ثلاثمائة ، وقيل هي من الخيل نحو أربعمائة قال في النهاية سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة للعسكر ، وخيارهم من الشيء السري النفيس ، وقيل سموا بذلك لأنهم ينفذون سرا وخفية ، وليس بالوجه لأن لام السر راء ، وهذه ياء .

(الثالثة) قوله خلف سرية أي بعدها ، ومعنى الحديث واضح ، وفيه تعظيم أمر الجهاد ، وقد أوضح في الحديث صورة المشقة ، وهي أنه لا تطيب أنفس الصحابة بالتخلف عن الغزو ، ولا يقدرون على ذلك لاحتياجه إلى نفقة وكلفة مع ضيق الحال ، وقوله فأحملهم بالنصب في جواب النفي والسعة بفتح السين .

(الرابعة) وفيه رفقه صلى الله عليه وسلم بأمته ورأفته بهم ، وأنه يترك بعض أعمال البر خشية أن يتكلفوه فيشق عليهم ، وهو أصل في الرفق بالمسلمين [ ص: 204 ] والسعي في زوال المكروه والمشقة عنهم وفيه أنه إذا تعارضت المصالح بدئ بأهمها .

(الخامسة) وفيه أن الجهاد فرض كفاية لا فرض عين ، وإن كان في زمنه عليه الصلاة والسلام لذلك ، وهو الأصح ، وقيل كان في زمنه فرض عين ، وعلى القول بأنه فرض كفاية قد يتعين لعارض ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية