صفحة جزء
وعنه قال كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض .


الحديث الثامن .

وعنه قال كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض .

(فيه) فوائد :

(الأولى) اتفق عليه الشيخان من هذا الوجه من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر

وله عنه طرق .

(الثانية) الحديبية بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وإسكان الياء المثناة من تحت وكسر الباء الموحدة ، وفتح الياء المثناة من تحت وتخفيفها ، وكثير من المحدثين يشددونها ، والصواب تخفيفها ، وهي قرية قريبة من مكة سميت ببئر فيها ، والمراد بيوم الحديبية عمرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم في ذي القعدة سنة ست من الهجرة فصد عن البيت ، وصالح قريشا على الاعتمار فاعتمر من قابل ، وهي المسماة بعمرة القضة ، وهي في ذي القعدة سنة سبع .

(الثالثة) فيه أن أهل الحديبية كانوا ألفا وأربعمائة ، وفي رواية لهما أنهم ألف وخمسمائة ، وفي أخرى أنهم ألف وثلثمائة ، والروايات الثلاث في الصحيحين ، وذكر موسى بن عقبة عن جابر أنهم كانوا ألفا ، وستمائة ، وأكثر ، ورواية الصحيحين أنهم ألف وأربعمائة وكذا ذكر البيهقي أن أكثر الروايات ألف وأربعمائة قال النووي في شرح مسلم ، ويمكن أن يجمع بينها بأنهم كانوا أربعمائة وكسرا فمن قال أربعمائة لم يعتبر الكسر ومن قال وخمسمائة اعتبره ، ومن قال : وثلثمائة ترك بعضهم لأنه لم يتيقن العد أو لغير ذلك انتهى .

وليس في هذا الجمع تعرض لرواية وستمائة ، وينافي هذا الجمع [ ص: 208 ] أيضا ما حكاه محمد بن سعد عن بعضهم أنهم كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين رجلا ، وأحرم معه زوجته أم سلمة رضي الله عنها .

وأما ما رواه ابن إسحاق في السيرة عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم أنهم كانوا سبعمائة رجل فكأنه كان في مبدأ خروجهم من المدينة قبل أن يلحقهم من لحقهم من غيرها ، والله أعلم .

(الرابعة) ، وفيه فضيلة ظاهرة لأهل الحديبية ، وهم أهل بيعة الرضوان الذين نزل فيهم قوله تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة الآية ، وفي الحديث لا يلج النار أحد شهد بدرا ، والحديبية ، وهم المرادون في قوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار في قول بعضهم ، وقال آخرون هم أهل بدر .

(الخامسة) أورده المصنف رحمه الله في كتاب الجهاد ، وإن كان هذا السفر إنما كان سفر اعتمار لكن وقعت فيه البيعة على الجهاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية