صفحة جزء
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا يكون كسرى بعده ، وقيصر ليهلكن فلا يكون قيصر بعده ، ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله وعن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله .


الحديث الثالث وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا يكون كسرى بعده ، وقيصر ليهلكن فلا يكون قيصر بعده ، ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله ، وعن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله . (فيه) فوائد :

(الأولى) أخرجه من الطريق الأولى الشيخان من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام وأخرجه من الطريق الثانية مسلم ، والترمذي من طريق سفيان بن عيينة ، والشيخان من طريق يونس ومسلم من طريق معمر ثلاثتهم عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، وأخرجه البخاري أيضا من طريق سعيد بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج كلهم عن أبي هريرة .

(الثانية) قال النووي في شرح مسلم قال المطرز ، وابن خالويه ، وآخرون من الأئمة كلاما متداخلا حاصله [ ص: 252 ] أن كل من ملك المسلمين يقال له أمير المؤمنين ومن ملك /الروم قيصر ومن ملك الحبشة النجاشي ، ومن ملك اليمن تبع ، ومن ملك حمير القيل بفتح القاف ، وقيل القيل أقل درجة من الملك ا هـ ويجوز في كسرى فتح الكاف وكسرها ، وحكي الفتح عن الأصمعي ، والكسر عن غيره .

(الثالثة) مقتضاه أنه عليه الصلاة والسلام قال هذا الكلام قبل هلاك كسرى لكن لفظ مسلم من طريق ابن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قد مات كسرى فلا كسرى بعده مع قوله في الجملة الأخرى وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، وقد رواه الترمذي من هذه الطريق التي رواها منها مسلم بلفظ إذا هلك كسرى .

ويوافق الرواية التي لفظها قد مات كسرى ما في صحيح البخاري عن أبي بكرة قال . لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة فظاهر الروايتين التنافي ، وجمع بينهما أبو العباس القرطبي بأن أبا هريرة سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين (إحداهما) قبل موت كسرى بلفظ إذا هلك كسرى والأخرى بعد موته بلفظ قد مات كسرى .

وقال القرطبي إنه بعيد ثم قال : ويحتمل أن يفرق بين الموت والهلاك فيقال إن موت كسرى قد وقع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر عنه بذلك ، وأما إهلاك ملكه فلم يقع إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وموت أبي بكر ، وذلك في خلافة عمر (قلت) الظاهر أن قوله في تلك الرواية قد مات كسرى من الإخبار عن الشيء قبل وقوعه لتحقق وقوعه كما في قوله تعالى أتى أمر الله فعبر عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه ، وتتفق الروايتان ، والله أعلم .

(الرابعة) قال النووي قال الشافعي ، وسائر العلماء : معناه لا يكون كسرى بالعراق ، ولا قيصر بالشام كما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم فأعلم صلى الله عليه وسلم بانقطاع ملكهما في هذين الإقليمين وكان كما قال ؛ فأما كسرى فانقطع ملكه ، وزالت مملكته من جميع الأرض ، وتمزق ملكه كل ممزق ، واضمحل بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما قيصر فانهزم من الشام ، ودخل أقصى بلاده فافتتح المسلمون بلادهما ، واستقرت للمسلمين ولله الحمد ا هـ ونقل القاضي عياض ذلك عن أهل العلم ، والحديث المشار إليه في [ ص: 253 ] تفريق ملك كسرى رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ؛ فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه فحسبت أن ابن المسيب قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق وحكى القاضي أبو بكر بن العربي في معناه قولين (أحدهما) أن معناه لا يعود للروم ، ولا للفرس ملك قال : وهذا يصح في كسرى ، وأما الروم فقد أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم ببقاء ملكهم إلى نزول عيسى عليه الصلاة والسلام ؛ ، وفي صحيح مسلم عن المستورد القرشي أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقوم الساعة والروم أكثر الناس .

(القول الثاني) أن معناه إذا هلك كسرى وقيصر فلا يكون بعدهما مثلهما ، قال : وكذلك كان ، وهذا أعم وأتم (قلت) ومما انقرض ، ولم يعد بقاء اسم قيصر لأن ملوك /الروم لا يسمون الآن بالأقاصرة ، وذهب ذلك الاسم عن ملكهم فصدق أنه لا قيصر بعد ذلك الأول ، وظهر بذلك أن قوله لا كسرى على ظاهره مطلقا ، وأما قوله لا قيصر ففيه أربع احتمالات : لا قيصر بالشام ؛ لا قيصر كما كان لا قيصر في الاسم ، لا قيصر مطلقا ، ولا يصح هذا الرابع لمخالفته للواقع ، والله أعلم .

(الخامسة) قوله ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله ، وقوله لتنفقن كنوزهما في سبيل الله أمران وقعا كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقسمت كنوزهما في سبيل الله على المجاهدين ثم أنفقها المجاهدون في سبيل الله ، والمراد به الغزو ، وفي هذا دليل على أن الغنيمة للمجاهدين ، وهو كذلك إلا أنه يخرج منها الخمس كما نص عليه الكتاب العزيز ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية